دعه يحفظ ماء وجهه!

يسعى الإنسان دائماً لتعظيم مكاسبه وإسعاد نفسه، وأحياناً كثيرة في خضم ضغوط الحياة وغياب الموضوعية يقع البعض في أخطاء سواء في إطار العمل أو على الصعيد الاجتماعي، وفي كثير من الأحيان نضطر للمواجهة من أجل التحقق من صحة موضوع ما، وقد نكون على حق ونصرّ على إثبات وجهة نظرنا، وفي كثير من الأحيان نضيق الخناق على الطرف الآخر ونضعه في «الكورنر»، ويعتبر هذا من الأخطاء الجسيمة التي نقع فيها، وهو محاولة الإثبات بالدليل القاطع وأمام الآخرين أن الطرف الآخر على خطأ.

الحقيقة أننا لن نستفيد شيئاً من «تعرية» الطرف الآخر وإحراجه وإراقة ماء وجهه، فمن المهم جداً إعطاء الطرف الآخر الفرصة لحفظ ماء وجهه.

ما الفائدة من إحراج الطرف الآخر وإثبات خطئه خاصة أمام الآخرين؟! الأفضل إعطاؤه الفرصة لمراجعة نفسه والتعلم من أخطائه، وإن كان لابد من النصح والتقويم فليكن في إطار من الخصوصية والسرية، وبنيّة المساعدة على تحسين الوضع والحرص على استمرار العلاقة، فكلنا بشر وكلنا يخطئ، لكن كلنا لديه قدر من الحياء ولا يُسعده أن يتعرض للإحراج واللوم مهما كان حجم الخطأ. لقد تحدث «ديل كارنيجي» في كتاباته عن قواعد ذهبية في كسب الناس واستدامة العلاقة الجيدة معهم بل وتحويل الأعداء إلى أصدقاء، ومن أهم القواعد التي ذكرها كارنيجي هي إعطاء الآخرين الفرصة لحفظ كرامتهم وصورتهم، فلن نستفيد شيئاً إذا أظهرنا انتصارنا على الطرف الآخر، سواء كان مادياً أو معنوياً، بل الأفضل أن نشارك الانتصار مع الطرف الآخر ونحتويه بدلاً من أن نستعديه.

من القواعد الأخرى والمتعلقة بحسن المعشر، هي عدم التسرع في الحكم على الآخرين ومحاسبتهم والتذمر مما يقومون به، فالأجدى أن نصلح من شأننا قبل أن نحاول نصح الآخرين والحكم عليهم، وإن كان لابد من إسداء النصح أو المشورة فليكن بطريقة مهذبة وبالترغيب لا بالترهيب، ونذكر محاسنهم قبل نقاط ضعفهم.. ينطبق ذلك على كل علاقاتنا سواء مع زملائنا في العمل أو أصدقائنا أو حتى أفراد أسرتنا وأقرب الأقربين، بل لابد أصلاً البدء بالأقربين فهم أولى بالمعروف، وينبغي ألا نعتبر علاقتنا بهم حقاً مكتسباً وأمراً مفروغاً منه، بل على العكس لابد أن نكون على وعي تام ونهتم برعاية العلاقة وتنميتها، ولا غضاضة في أن نتغاضى أو نتنازل عن جزء يسير من حقنا في مقابل استمرارية العلاقة مع الآخرين، ولنتذكر قول الله عز وجل «وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ». [آل عمران: 159]. وكل عام وأنتم بخير.

• ما الفائدة من إحراج الطرف الآخر وإثبات خطئه خاصة أمام الآخرين؟! الأفضل إعطاؤه الفرصة لمراجعة نفسه والتعلم من أخطائه.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة