الخوف

الخوف شعور يراود كل إنسان، ومصادره مختلفة، وأحياناً غريبة، فتجد أشخاصاً يخافون من الصرصور، ولا يجرأون على دخول غرفة بها صرصور حي. وتجد أشخاصاً يخافون من القطط، ويفقدون القدرة على المشي باتجاه القط ولو كان نائماً! وهناك أشخاص يرتعبون من العناكب.

رأيت مرة فتاة تنزل من سيارتها، ثم بدأت تركض وتصرخ رعباً، لأن دبوراً كان يحلق فوق رأسها، وعندما انتهى منها جاء عندي يحلق مقابل أنفي، فاكتفيت بتغطية وجهي، ومشيت بكل هدوء! وعندما رأت الفتاة ما فعلت سألتني كيف تتمتع بهذه الشجاعة؟ فقلت لها: الشجاعة في ميادين الحرب وأوقات الأزمات وليست أمام دبور.

وهناك بعض منا يخاف من الظلام أو الأماكن الضيقة أو المرتفعة، والبعض الآخر يخاف من التحدث أمام جمهور، وهناك ناس تخاف من الدخول في مشروع تجاري، لكننا جميعاً نخاف من الحيوانات المفترسة، وهو خوف مشروع لأنه يشكل تهديداً وجودياً على الكيان البشري. ونخاف من وقوع حوادث السيارات والطائرات، ونخاف من التعرض لهجوم أو اعتداء أو سرقة.

الخوف في كل الحالات هو أسوأ أعدائنا، فهو ذلك الشعور الذي يجعلك متردداً في الحديث أمام صاحب الجاه والسلطان، وهو الذي يمنعك من الدخول في مشروع تجاري، لأنه سيقول لك من الأفضل التأني والبحث عن خيار بمخاطر أقل، أو سيقول لك بأنك لم تخلق لتنجح في التجارة، أو أننا لسنا مؤهلين لتحقيق الأهداف التي نحلم بها.

الأسوأ هو عندما يسيطر الخوف ويصبح متأصلاً عبر السنين بسبب اللامبالاة، فلا يميز الشخص المصاب بين ما يجدر أن يخاف منه وبين مسببات الخوف نفسه، فتتداخل الخطوط ويصاب الشخص بالضبابية، وتضعف لديه القدرة على تمييز الخطر من ما يبدو خطيراً.

مثلاً، الخوف عند البعض قد يكون التحدث أمام جمهور أو الذهاب إلى حفل زفاف وحده، وأعلم أنه سبب غير مبرر وغير منطقي للخوف، لكنه موجود ومتأصل لدى الكثير من البشر.

بالعربي: آلية الخوف في أجسادنا غير مصممة على حمايتنا بل على إبقائنا أحياء، والعجيب أن العقل يعجز عن ترجمة الخوف، ويراه واحداً بغض النظر عن شكل التهديد، فيطلق الأدرينالين سواء بالنسبة لشخص في طائرة معرضة للسقوط، أو في حالة وجود صرصور في الغرفة بالنسبة لآخر، الخوف واحد في الحالتين وشتان بين الموقفين.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة