توقفوا عن صُنع الأغبياء مشاهير!

لست من هواة الترويج لنظريات المؤامرة، ولا أعتقد أبداً أن الأميركيين عندما اخترعوا «السوشيال ميديا» كان هدفهم تفكيك مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فهُم اخترعوا ما يناسبهم، وصدّروه للعالم، لتحقيق أهداف اقتصادية ومالية في المقام الأول، ولا علاقة لهم بكيفية استخدام هذه المنتجات، وما يُمكن أن تُحدِثه في المجتمعات والدول الأخرى نظير سوء استخدامها!

ومع ذلك، فهناك أناس مِن أفراد هذا المجتمع يقومون بأدوار بارزة في تفكيكه، وضرب قيمه وعاداته وأخلاقه بامتياز، دون أن يطلب منهم الأميركيون أو غيرهم ذلك. لقد أصبحوا في غفلة من الزمن مشاهير ومؤثرين، وأصبحوا يُعامَلون معاملة الأبطال والوزراء وأعيان البلد، فوجدوا الفرصة لشرعنة نماذجهم السيئة، وترويج أفكارهم وقيمهم المنبوذة، للدرجة التي اعتقدوا فيها أنهم فوق القانون، وأن شهرتهم درع وحماية لهم من كل إدانة، وأيقنوا أن كل فعل أو صورة أو كلام يصدر عنهم، مهما كانت درجة انحطاطه أو قذارته، هو شيء مميز يجب أن يتقبله الجميع، شاء المجتمع أم أبى، لأنهم يعتقدون كما كان يردد ذلك البغيض «العصملي»: «لا يستطيع أحد أن يحاسبني أو يتعرض لي بأي كلمة»!

لا أحد فوق القانون، هذا واقع وليس شعاراً في دولة الإمارات، ومن يتعدَّ ويتجرأ على المساس بقيم وأخلاقيات المجتمع التي نعتز بها، فلينتظر العقوبة، وما فعلته النيابة العامة الاتحادية، حين أمرت بالتحقيق مع أحد مشاهير التواصل الاجتماعي، بعد أن وجهت إليه تهمة نشر مقاطع فيديو مصور على وسائل التواصل الاجتماعي، تخدش الحياء العام، وتمس الآداب العامة، هو عين الصواب، وفيه رسالة قوية وواضحة بضرورة القضاء على هذه الفوضى العارمة التي تجتاح وسائل التواصل الاجتماعي، ولوضع حد لكل من يعتقد أنه فوق القانون، ولتنظيف المجتمع من هذه النماذج السيئة، بعدما أسهمت جهات عدة في تضخيمهم وإعطائهم حجماً لا يستحقونه، ولم يكونوا يحلمون به يوماً!

الجهات الشرطية والأمنية في الإمارات ليست غافلة عما يحدث في هذا العالم الافتراضي، وهي تتخذ إجراءات عدة، بدءاً من إغلاق المواقع والحسابات المشبوهة، حيث أغلقت، بالتعاون مع هيئة تنظيم الاتصالات، أكثر من 20 ألف حساب وموقع خلال عامين، كما سجلت إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بشرطة دبي مئات البلاغات من تهديد وابتزاز عبر وسائل التواصل، وتقوم النيابة العامة الاتحادية بجهود مستمرة لاستدعاء كل من يخدش الحياء العام، ويتجاوز حدود الآداب العامة، وهذه الإجراءات كفيلة بمكافحة فوضى التواصل الاجتماعي، والقضاء عليها.

ولكن المسؤولية أيضاً تقع على أفراد المجتمع جميعاً، فهم من يسهم في تعظيم وتضخيم وصنع مشاهير ومؤثري التواصل الاجتماعي، وهم أول المتضررين منهم، لذلك فالرسالة التي يجب أن يحملها الجميع هي «التوقف عن صُنع الأغبياء مشاهير»!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة