كـل يــوم

خطوة إجبارية كفيلة بإيقاف النزيف!

سامي الريامي

إجراء واحد بسيط جداً، يوّفر على الدولة مليارات الدراهم، والأهم من توفير هذه المليارات، هو المحافظة على صحة أفراد المجتمع وحياتهم، وحمايتهم من الأمراض الفتاكة القاتلة، هذا الإجراء البسيط جداً، هو الفحص الطبي الدوري، ومع بساطته وسهولته، إلا أن ثقافة المحافظة عليه غائبة تماماً عند المواطنين، لذلك فإن معظم الأمراض الخطرة لا تُكتشف إلا في مراحلها النهائية، والنتيجة روح مفقودة، وأموال مُهدرة!

تشير الدراسات إلى أن 10 إلى 15% فقط من مواطني الإمارات ملتزمون بإجراء فحوص طبية دورية، في حين أن الأغلبية العظمى غير مكترثة بهذه الخطوة، وبالمقارنة مع سنغافورة، وهي دولة سريعة التطور، نجد أن 70% من الشعب السنغافوري يحرص على إجراء هذه الفحوص، وأعتقد أن هذه المقارنة تكفي لاكتشاف خلل كبير لدينا، في غياب مفهوم ثقافة الوقاية، والحرص على الصحة والسلامة، وهذا الخلل موجود عند معظم مواطني الإمارات، وهي مشكلة حقيقية يدفع ثمنها الجميع، الأُسر والمجتمع والحكومة!

ومن خلال هذه الإحصائية الصادمة نكتشف أن معظم مواطني الإمارات لا يدركون أهمية الفحص الطبي الدوري، وربما يعتقدون أنه إجراء تكميلي غير ضروري، في حين أن التحاليل الدورية الشاملة للإنسان، هي واحدة من أهم أنواع الوقاية ضد الأمراض المختلفة، لأنها تكشف عن الأمراض المحتملة والمبكرة التي قد يصاب بها الإنسان، وتظهر المرض قبل المضاعفات، خصوصاً أن بعض الأمراض يظهر فجأة من دون أي أعراض.

الفحوص المبكرة الشاملة هي بالفعل درع الوقاية من العديد من الأمراض، مثل السكري، وخلل الكوليسترول، إضافة إلى العديد من أنواع السرطانات، وارتفاع الضغط المزمن، والخلل في فعالية الكلى، وغيرها، ومعظم هذه الأمراض لا أعراض لها، وهي تهاجم الإنسان فجأة، ولكم أن تتخيلوا حجم معاناة الإنسان الصحية مع هذه الأمراض، وحجم الإنفاق الحكومي على علاج هذه الأمراض في مراحلها المتأخرة!

حكومة الإمارات لن تبخل على علاج مواطنيها، وهي تخصص ما يقارب من 43% من ميزانيتها التي تزيد على 50 مليار درهم للتعليم والصحة، وحياة الإنسان لا تقدر بمال، ولا تعوضها ثروة، ولكن أليس من الغريب جداً أن نتهاون عن إجراء طبي بسيط لا يكلف جهداً ولا وقتاً، وفيه تكمن النجاة من أمراض خطرة، ومن خلاله نوفّر مليارات الدراهم التي يمكن للدولة أن تستفيد منها في تطوير القطاع الصحي بشكل كبير جداً!

أعتقد أن الفحوص الطبية الشاملة يجب ألا تظل في خانة الأمور الاختيارية، بل حان الوقت لتحويلها إلى إجراء إجباري ملزم لكل مواطن ومواطنة، حفاظاً على صحتهم وسلامتهم، وحماية لهم من كل شر ومرض خطر متوقع، هذا الإجراء يجب أن يتخذ بسرعة، لأن تأخيره يعني زيادة في النزيف البشري والمالي، ولا أعتقد أن أحداً يريد استمرار هذا النزيف!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر