حتى «بيل غيتس» يحتاج لمُوجّه

في ظل التغييرات السريعة التي أصبح من الصعب التكيف معها أو التنبؤ بها تزداد الحاجة الى التعلم المستمر والاستمرار في تحديث معارفنا، ولكن هذا هو الجزء الأسهل في الموضوع، فمن الممكن الاطلاع على الدوريات والاشتراك في قوائم الأخبار والنشرات، وبالقليل من القراءة يمكن الحصول على قدر معقول من المعرفة، لكن المشكلة الأكبر هي اكتساب الخبرة وليس اكتساب المعرفة، والأصعب من ذلك هو عملية اتخاذ القرارات خاصة في ما يتعلق بالمسار الوظيفي أو الأعمال في ما يخص رواد الأعمال. وبناءً على التجارب وخبرات كبار رجال ورواد الأعمال فإن الطريقة الفعالة في اكتساب الخبرة واتخاذ القرارات هي وجود موجّه أو Mentor، وكلمة «مينتور» مأخوذة من الملحمة اليونانية الشهيرة «الأوديسة» لشاعر الحضارة اليونانية «هومير»، حيث كان «مينتور» هو المعلم المسؤول عن تربية وتعليم البطل الرئيس للقصة «تيليماكوس»، وعلى مر العصور كانت الأُسَر الأرستقراطية تعهد بأبنائها الى مُعلم موجّه يقوم بتربية أبنائهم وتعليمهم الأداب العامة والذوق وفنون التعامل والتواصل مع الآخرين.

لقد لاحظ معظم القادة والشخصيات العامة أهمية هذا المنهاج وأهمية وجود موجّه في حياتهم، لذلك حرصوا على اتخاذ موجه يساعدهم على اتخاذ القرارات وعلى تطوير ذاتهم، وتقريباً جميع رؤساء الولايات المتحدة الأميركية كان لديهم موجه، فبيل كلينتون كان لديه موجه استمر في التواصل معه من المرحلة الثانوية حتى بعد أن أصبح رئيساً، كما تدرب على أيدي «توني روبينز» أحد الرواد الحقيقيين للتنمية البشرية، وبيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت وثاني أغنى رجل في العالم لديه موجه هو «وارن بافيت»، ثالث أغنى رجل في العالم، و«مارك زوكربيرغ» مؤسس «فيس بوك» كان موجهه «ستيف جوبز» الذي كان يتعلم من «جوزيف جوران»، والقائمة لا تنتهي من القادة والناجحين الذين أصروا على وجود موجه في حياتهم.

كيف يمكن الاستفادة من الموجه، ذلك موضوع كتاب «موجه الدقيقة الواحدة» الذي حقق أفضل مبيعات للمؤلف «كين بلانشارد»، فقد لخص بلانشارد الموضوع في ست خطوات، حيث يجب أن يكون الموجه محل ثقة وعلى قدر عال من الخبرة والمعرفة. وحتى تنجح عملية التوجيه المستمرة فلابد أولاً من الاتفاق على المستهدفات المتوقعة في إطار زمني مناسب، ثانياً تحديد إطار وكيفية التواصل بصفة مستمرة ودورية بما يتفق مع الطرفين، الموجِّه والموجَّه، ثالثاً الاستفادة بشبكة علاقات كل طرف، رابعاً بناء الثقة واستدامتها من خلال الشفافية والصراحة وعدم المجاملة، حيث يكون الموجه بمثابة مرآة للموجَّه، خامساً أن يقدم الموجه فرصاً للتطور والنمو، سادساً مراجعة خطة العمل بصفة مستمرة وتعديلها وفقاً لاحتياجات الموجَّه.

«الموجّه يجب أن يكون محل ثقة، وعلى قدر عالٍ من الخبرة والمعرفة».

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة