أسبوع الاقتصاد الإسلامي

كعادة دبي، تثب إلى المعالي بما يَسُر السامعين أخبارُها يوماً بعد يوم، بل ساعة بعد ساعة، ويأتي توجيه سمو الشيخ حمدان بن محمد، ولي عهد دبي، حفظه الله تعالى ورعاه، بإقامة أسبوع الاقتصاد الإسلامي على هامش قمة الاقتصاد الإسلامي الرابعة؛ ضمن هذه الأخبار السارة التي يفرح بها المعنيون بالاقتصاد الإسلامي من علماء وخبراء وبنوك ومصارف وأرباب أموال، بل كل مسلم يحب أن يكون كسبه حلالاً ومعاملاته صحيحة، لأن الحراك المعرفي الذي سيكون على مدى أسبوع ليس كنمط المؤتمرات والندوات التي تجري عادة بين سويعات أو يومين على الأكثر، فالاقتصاد الإسلامي الذي يمثل الآن أكثر من ترليوني دولار، وتسهم الدولة فيه إسهاماً ضخماً، إذ تستحوذ المصارف الإسلامية على نحو 20% من إجمالي أصول مصارف الدولة البالغة 2.6 تريليون درهم، لتصل إلى 520 مليار درهم، فلم يعد يكفي هذا الاقتصاد البحث النمطي أو التأصيل النظري، فقد تجاوزه بمراحل، ويحتاج إلى ثورة علمية متطورة، وفق الضوابط الشرعية ومقتضيات التكنولوجيا الحديثة، ومسرعات دبي على وجه الخصوص.

لقد أدرك سموه أن هذا الاقتصاد الذي تتنوع مصادره، وتتعدد آثاره، وتكثر تفريعاته، يحتاج إلى ورشة عمل كبرى، تواكب تطوره حتى تكون آليات تنفيذه وتطبيقه مواكبة لسرعة انتشاره، ومحافظة على ثوابته، ولا يمكن أن يكون ذلك إلا بحشد الطاقات، لاسيما المتجددة والمغمورة، التي قد تكون مواكبة لتطوره ومتفاعلة معه، فيجتمع شملها المتشتت في ورشة عمل كبرى، وعصف ذهني ثاقب، للخروج بآليات جديدة ومبتكرة، مستفيدة من التطور التقني الذي هو مفتاح كل تقدم.

إن دبي هي التي صنعت الاقتصاد الإسلامي في نمطه البنكي قبل 43 عاماً، على يد بعيد النظر ومؤسس التطور، الشيخ راشد - رحمه الله - ولابد أن تكون المحرك لجذوته، حتى ينتشر ضوؤه، فيكون أكثر بريقاً وأسرع انتشاراً، وذلك بمثل هذه المبادرات غير المسبوقة، من جعل دبي عاصمة له، وكونها تسرع في وتيرة تطويره وضبط تأصيلاته بمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي، ومنتدى فقه الاقتصاد الإسلامي، وأسبوع الاقتصاد الإسلامي، إلى غير ذلك، مما يجعل هذا الاقتصاد محل اهتمام الجميع ليقبلوا عليه، ويسهم كل من بيده قدرة على الإسهام في تحقيق نموه وتفعيل أدائه.

إن عالم الاقتصاد الإسلامي مدين لدبي المؤسسة له، والإمارات السابقة لتشريعاته القانونية الرسمية، فالكل يعترف بذلك السبق، وكل مؤسسات الاقتصاد الإسلامي في العالم هي من بنات دبي، وذلك يحمّلها مسؤولية المضي به إلى آفاق رحبة ومتعددة، ومضمونة البقاء، مع القدرة على المنافسة الندية للاقتصاد التقليدي، وهذا ما عبّر عنه سمو الشيخ حمدان، حفظه الله، بقوله: «نواصل العمل على تنفيذ رؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، نحو تحويل دبي إلى عاصمة للاقتصاد الإسلامي العالمي، وفق استراتيجية أعلناها قبل سنوات، ونمضي بخطى ثابتة في تنفيذها، ونضع نتائجها في مقدمة أهدافنا الاستراتيجية لمستقبل التنمية الاقتصادية في الإمارة».

وكما أن هذه المبادرات هي خدمة للإمارة في المقام الأول، فهي خدمة للأمة المسلمة كلها، حيث سيكون الإنجاز المتطور نبراساً يقتدي ويهتدي به من له عناية بالاقتصاد الإسلامي.

لقد كنا في ماليزيا في اليومين الماضيين، وهي من الدول التي تنافس دبي في كل شيء، لاسيما في الاقتصاد الإسلامي، ورأينا ما لديهم من تطور، وتبادلنا الخبرات معهم، ولكننا إن شاء الله تعالى بمثل هذا العصف الذهني الذي يقود إلى السبق المعرفي والتقني سنجد أن دبي لا يمكن أن تُنافس، فضلاً عن أن تُسبق، ولكنه جميل أن يكون هناك حراك شريف، يحقق الفائدة لصناعة المال الإسلامي الذي يحقق مبتغى الأفراد والدول، فعلينا أن نكون في مستوى طموح حكامنا الذين يرون أن المعرفة أساس التقدم، وأن التقدم لا نهاية له، وأن الجودة مع التقدم لا يفترقان، ويبقى الدور الأكبر على المؤسسات القائمة لإثبات وجودها من خلال تحقيق هذه الأهداف الطموحة، وإلا فإن اللائمة عليها ستكون كبيرة..

والله ولي التوفيق

تستحوذ المصارف الإسلامية على نحو 20% من إجمالي أصول مصارف الدولة البالغة 2.6 تريليون درهم.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة