أوباما.. ترامب.. والتاريخ 2

خرج الرئيس الحقوقي، باراك أوباما، من البيت الأبيض خالي الوفاض، بعد سنواته الثماني العجاف. خرج الخطيب المفوَّه وليس معه سوى أسوأ اتفاق وقعته الولايات المتحدة، والذي دافع عنه كما يدافع الطالب الراسب عن درجاته المتدنية، بحجة أنها أفضل ما استطاع إنجازه.

جاء الشعبوي دونالد ترامب وسط صدمة العالم، تحت شعار: «لنجعل أميركا عظيمة مجدداً». وكان شعاراً في محله، بعدما أفقدها المندثر هيبتها وسط الأمم، وجعلها أضحوكة القيصر الروسي، واستهزأ بها عباد الخميني، وتعرض للشتم حتى من أحد الحلفاء في شرق آسيا.

ترامب، وليس هذا المقال للثناء عليه أو تقييمه، فمعظم قراراته حتى اللحظة تخص الشأن الداخلي، وربما لا يفهم في السياسة، لكن كلمة الحق يجب أن تقال، فهو أعاد التأكيد على أهمية حلفاء واشنطن التقليديين في الخليج العربي، واتفق معنا على حقيقتين: الأولى ضرورة محاربة التوسع الخميني في المنطقة ككل، والثانية التأكيد على أهمية وجود الولايات المتحدة في الخليج لدعم الأمن الاستراتيجي.

ترامب يضع سياساته من منظور أمني بحت، حتى تلك المثيرة للجدل التي تخص الاقتصاد، وقد لا تكون سياساته صحيحة، وقد لا تؤتي أكلها لكنها من ناحية المبدأ تهدف إلى حماية الولايات المتحدة.

ترامب، رغم أن منتقديه من مؤيدي أوباما أطلقوا عليه أسوأ الألقاب، فإنه كشف في أول عامين كارثتين للآفل: الأولى مشروع كاساندرا، وهي عمليات تهريب مخدرات وأسلحة وكذلك غسل أموال للحزب الأصفر الشيطاني في أميركا الجنوبية والولايات المتحدة وغرب إفريقيا وأوروبا، وقد عرقل أوباما عملية التحقيق فيها وعلقها، محاباة لجمهورية الخميني واسترضاء لها، من أجل الموافقة على الاتفاق المشؤوم.

الثانية، وهذه تحديداً كشفها ترامب على «تويتر»، عملية تجنيس أكثر من 2500 شخصية إيرانية، منهم قادة سياسيون وأقاربهم. والعملية حدثت أثناء المفاوضات على النووي.

ويتضح لنا مما سبق نمط سلوكي للرئيس السابق، هو ضعفه الشديد إزاء القضايا الدولية، وعدم قدرته على مواجهة التحديات الإقليمية، لانعدام كفاءته كقائد سياسي عالمي، ما انعكس مباشرة في انكفائه وترك القوى الدولية الأخرى (روسيا) تسد الفراغ، والإقليمية (جمهورية خميني) تعبث بجوارها كما تشاء.

خراب العالم العربي، جراء سقوط بعض أنظمة الحكم هذا العقد، كان نتيجة عدم تدخل الولايات المتحدة، أما اختيار أوباما عدم التدخل فهو لإيمانه بسياسات الانعزالية، التي أثبتت فشلها عالمياً في حل الأزمات.

بالعربي: عند انتخاب الرئيس ترامب بكت أوروبا، لأنها رأت فيه تهديداً لليبرالية التي تتغنى بها أنغيلا ميركل وشركاؤها، لكن ترامب مهما اختلفنا على تفسير قراراته المثيرة للجدل، أثبت قدرته العالية على اتخاذ القرارات الحازمة دون تردد، ونفذ تحذيره وضرب النظام السوري لاستخدامه أسلحة محرمة دولياً، ونفذ وعده الانتخابي وانسحب من الاتفاق سيئ الصيت، وأجبر كل اللاعبين في المنطقة على إعادة حساباتهم.

هناك حقيقة واحدة ثابتة: ترامب هو الرئيس الوحيد في الغرب، الذي يتفق معنا في أن الخمينية هي أكبر خطر يهدد المنطقة، لأن رؤيتنا للأمن الاستراتيجي تتفق وتنسجم مع رؤيته.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة