كـل يــوم

ليست ظاهرة.. لكن الأمر ليس هيناً!

سامي الريامي

ما بدر من عدد من الطلبة «الصغار»، من سلوكيات سيئة عبر إتلاف مرافق إحدى المدارس أمر غير مقبول، وهو كما ذهبت وزارة التربية والتعليم «تصرفات دخيلة على المجتمع المدرسي»، فلم نعهدها سابقاً في هذه السنّ المبكرة للطلبة، ولم نشاهدها سابقاً في هذه المرحلة الدراسية الابتدائية، ولم يسبق أن ظهرت بهذه الصورة من التعمد في تدمير ممتلكات ومحتويات فصل دراسي بهذا السوء، لذلك فنحن مع كل الإجراءات التي ستتخذها الوزارة بحق الطلبة المعنيين، لضمان وقف هذا السلوك عند هذا الحد، وعدم تكراره بأي شكل مستقبلاً.

لكن من الضروري أيضاً معالجة المشكلة من جذورها، ولا نقف فقط عند الحادثة، فالأهم بالنسبة لنا أن نعرف ما المسببات والدوافع التي جعلت مثل هؤلاء الطلبة الصغار يحملون كل هذا الحقد والكره تجاه مدرستهم، وفصلهم الدراسي، من الواضح أن درجة الكره غير طبيعية، وهي لا تحمل أبداً معنى الاحتفال بنهاية العام الدراسي، لا أعتقد أبداً أن هذا المبرر مقبول، لذا لابد أن نعرف المسببات الحقيقية والدوافع التي حملت كل طالب منهم على أن يتصرف بهذا الشكل الغريب وغير المسبوق!

أتفق تماماً مع من يرى أنها ليست ظاهرة، لكنني لست مع تهوين هذا الأمر إطلاقاً، لأسباب عدة، أهمها المرحلة العمرية الصغيرة التي يمر بها هؤلاء الطلبة، والعنف الواضح في السلوك الذي قاموا به، فكيف يمكن لهم أن يسلكوا سلوكاً تدميرياً كهذا لم يسبقهم إليه حتى طلاب الثانوية العامة الذين يكبرونهم سناً؟! كما أنه وبكل تأكيد، فإن هذا السلوك السيئ للغاية، لا يمكن اعتباره فعلاً، بل هو ردة فعل لأمور أخرى، فهل لنا أن نعرف لماذا كانت هذه الردة العنيفة، وما الأسباب الحقيقية الكامنة وراءها، ومن يتحمل مسؤوليتها؟!

لا يمكن أن نرمي بالمسؤولية على جهة معينة، وفي الوقت ذاته فالجميع مسؤولون عن هذه الحادثة الغريبة، فقد تكون ردة فعل هؤلاء الصغار بهذه الطريقة المستهجنة هي تعبير عن غضب على المكان لأي سبب كان، أو بسبب سوء معاملة مدرّس ما، أو لأسباب في المعاملة المنزلية من قبل ولي الأمر، أو حتى بسبب التأثير الجامح للألعاب الإلكترونية العنيفة في عقلية الصغار، أو ما يشاهدونه من أفعال في أفلام أو مقاطع منتشرة على التواصل الاجتماعي، كل شيء جائز، وهذا ما يجب أن تتوصل إليه التحقيقات، ولكن في جميع الأحوال لابد من إجراءات، ولابد من ردع، ولابد ألّا تمر هذه الواقعة بتساهل من أي طرف من الأطراف المعنية، بالتأكيد لن نطالب بسجن أو «شنق» الأطفال، ولكن لا للتساهل، فالتساهل هنا هو جواز مرور لتكرار هذا السلوك، وانتقاله من كونه حادثاً فردياً إلى ظاهرة ربما نشهد الأسوأ منها مستقبلاً!

ليس في ذلك تهويل، ولكن قيام طلاب صغار بسلوك عنيف غير معهود تجاه ممتلكات عامة، وتدميرهم فصلاً دراسياً، لا يمكن اعتباره أمراً عادياً، إنه باختصار انعكاس لقصة فشل، قد يكون فشل مدرسة أو فشل مدرّس أو ولي أمر أو غيرهم، علينا ألا نغفل ذلك، ولتجاوز هذه الحادثة لابد من معالجة هذا الفشل، لأننا لابد أن نوقف مثل هذه الحادثة عند حدّها، وأولى خطوات المعالجة هي الوصول لأسباب ما حدث، والتعرف إلى نوعية الفشل، وبذلك نكون قد عالجنا الفشل بإجراءات ناجحة تضمن وأد هذا التصرف، وضمان عدم تكراره.

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر