5 دقائق

سيكولوجية الاجتماعات

عبدالله القمزي

حضرت الكثير من الاجتماعات في وظائف سابقة، ولاحظت تصرفات غريبة تكررت كثيراً لم أفهمها، لكن عندما دققت أكثر في شخصيات الذين بدرت منهم تلك التصرفات؛ أيقنت حقيقة واحدة مشتركة بينهم جميعاً، هي: أنهم كلهم يتظاهرون بالأهمية أمام بعضهم بعضاً، وكل واحد يتظاهر بأنه أهم أو أذكى من الآخر.

التالي حدث في اجتماعات خلال الـ10 سنوات الماضية:

1- التحدث في المصطلحات التقنية المعقدة.

حدث كثيراً أن شخصاً يتحدث في مصطلحات فنية، يفهمها الذين يعنيهم الأمر في الاجتماعات التي يحضرها منسقون من إدارات مختلفة. فيبرز من المشاركين شخص يقول: هل ممكن أن تشرح للبقية معنى تلك الكلمة؟

السؤال يعكس رغبة الشخص في إبراز أهمية وجوده بين الحضور، وعدم رغبته في الظهور أقل ذكاء، لكن الحقيقة أنه ليس على الجميع فهم تلك المصطلحات.

2- تحويل كل جملة من كلمتين أو ثلاث إلى اختصارات.

«الإنجليزية» لغة اختصارات الأحرف الأولى، لكن بعض الحاضرين في الاجتماعات ينتقون كلمات لا نجدها حتى في «غوغل»، ويختصرونها بالأحرف الأولى، إلى درجة أن واحداً قال: افتح الـMWF، وظننته يتحدث عن وكالة تابعة للأمم المتحدة! وعندما استوضحت الأمر، قال: Microsoft Word File، أي ملف مايكروسوفت وورد!

3- الرطينة والتنطع.

حتى عندما يتحدث كل المشاركين «العربية»، تجد شخصاً يصرُّ على لفظ جمل كاملة بـ«الإنجليزية»، ويترجم ما يقوله الآخرون من «العربية» إلى «الإنجليزية» والعكس، رغم عدم الحاجة إلى خدمة الترجمة، وأحياناً عدم الحاجة حتى إلى التحدث بـ«الإنجليزية». أو يتنطع ويفخم الكلام، ويتظاهر بالتعمق في موضوع، وكل ما يقوله هو مسلمات وبديهيات.

4- صرف أشخاص غير ضروريين من الاجتماع.

بعض المشاركين يتعمد صرف أشخاص، يدعي أنه استدعاهم خطأ إلى الاجتماع بعد بدايته. هذه حيلة ليبدو الشخص مهماً أمام الآخرين لو تم الصرف بعد بداية الاجتماع، أما لو صرفه قبل البداية فهو فعلاً خطأ.

5- تضخيم العروض التقديمية Presentation.

لو ضخم مشارك عرضه التقديمي على برنامج باور بوينت، وأضاف شرائح لا أهمية لها، وقدم معلومات غزيرة، فهو غالباً يريد إبراز أهميته، لأن الهدف من العرض التقديمي الإيجاز والاختصار، أما الشرح والإسهاب فيكونان شفهيين على لسان المقدم.

6- الاتفاق والاختلاف.

بعض المشاركين يتفق ثم يختلف، ثم يتفق ثم يختلف.. هذه كلها مناورات لإظهار أنه ذكي ومهم.

7- الإصرار على وضوح كل الأمور.

أحياناً هناك أمور غير واضحة لبعض المشاركين في اجتماع أثناء عرض تقديمي، فيقفز شخص ويقول: «كل شيء واضح، لو سمحتم دعونا نكمل، وسنشرح كل شيء للذين لم يفهموا آخر الاجتماع». وهي جملة فظة لأن من لم يفهم من حقه الاستيضاح، أما هذا الشخص فيريد أن يثبت أنه الأكثر ذكاء.

ختاماً: تم تكليفي بالإشراف على فريق، فأتاني شخص وأسدى لي نصيحة، قائلاً: «في الاجتماع اعترض على كل شيء، حتى يحسبوا لك ألف حساب!».

بعد سنوات عدة: تم تكليف شخص، عرفنا منه المودة والطيبة والابتسامة البشوشة، بالإشراف على فريق عمل، وفي الاجتماعات اكفهر وجهه ليخيفنا، أو ربما ليبدو مهماً!

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر