كـل يــوم

الهجرة إلى الداخل.. تستحق التجربة

سامي الريامي

لست خبيراً ولا ضليعاً في تخطيط المدن، ولكن نظرياً، ووفق الحسابات المبدئية، فإن تكاليف إنشاء منطقة سكنية من الصفر، بلا أدنى شك، لن تقل عن إعادة تأهيل منطقة سكنية قديمة قائمة، أو في أسوأ الأحوال فإن التكاليف في الحالتين ستكون متقاربة.

وفي ظل هذا الاستنتاج، فإنه وفي حالة كانت هناك مفاضلة بين هذين الأمرين، فالخيار الثاني هو الأفضل، وبغض النظر عن الكلفة المالية، فإعادة تأهيل المناطق السكنية التي تقع في قلب دبي وتوزيعها، أو تشييد منازل فيها للمواطنين، فيها الكثير من الإيجابيات الاجتماعية والأمنية والاقتصادية، ورغم عدم تقبل بعض المواطنين لهذه الفكرة، فإنها خيار أفضل بكثير من هجرة المواطنين من مناطق دبي القديمة الكاملة بمرافقها وبنيتها التحتية، ولجوئهم للسكن في أطراف وضواحي المدينة، أو انتظار الحكومة حتى تُهيئ لهم مناطق سكنية جديدة، ما يعني زيادة الطلب على الأراضي حالياً، وتضاؤل حصة الأجيال المقبلة مستقبلاً!

سيقبل هذا الأمر كثير من المواطنين، شريطة تشجيعهم ودعمهم، وتوفير مساكن ملائمة تفي بحاجتهم، فهم سيعودون إلى مناطق مأهولة وجاهزة، ومليئة بالخدمات والمرافق العامة، مناطق جاهزة تماماً وقريبة من وسط دبي التجاري، وفي المقابل سيعارض ذلك آخرون، ربما لوجود بعض الاختناقات والازدحامات المرورية، أو لزيادة نسبة العمالة الآسيوية والإفريقية، التي استحوذت على هذه المناطق، لذا فالتجربة وحدها هي الفيصل لتوسيع هذا الاقتراح أو عدم تطبيقه، والتجربة هُنا يجب أن تكون كاملة ومستوفية لكل الشروط، وتطبق على مجموعة من العائلات في منطقة سكنية قائمة ومعروفة مثل الراشدية أو الطوار أو الحمرية أو جميرا، أما شكل هذه التجربة، وكيفية تطبيقها، وكيفية إعادة تأهيل بعض المساكن القديمة، أو إعادة بنائها بشكل حديث يتناسب مع تطلعات المواطنين، فهذا شأن بلدية دبي، وهي الأكثر دراية بذلك، ما يهُمنا في الموضوع هو البدء في إجراءات تطبيق الهجرة إلى الداخل أو عودة المواطنين إلى مناطقهم السكنية التي هجروها منذ عشرات السنين، لتتحول بالكامل إلى مناطق لجاليات بعينها، ما يشكّل خطراً مستقبلياً، وخللاً أمنياً يمكن استغلاله بشكل مُضرّ!

الخطير في الأمر أن ظاهرة الهجرة إلى الضواحي والأطراف مستمرة، والمناطق الجديدة التي يتم تخصيص أراضٍ سكنية فيها، بعيدة جداً عن المجال الحضري والعمراني لمدينة دبي، ما يعني تكاليف حكومية باهظة في تأهيلها وإنشاء البنية التحتية فيها من طرق وخطوط كهرباء وشبكات صرف صحي، إضافة إلى المرافق والعيادات والمدارس، كل ذلك يتكرر مع كل منطقة سكنية جديدة بعيدة، والنتيجة هي تفريغ منطقة وسط المدينة من المواطنين وتكديسهم على الأطراف وفي الضواحي البعيدة، وهذا من دون شك إجراء غير مريح!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر