كـل يــوم

المعالجة بإشراك الأبناء لفهم الخطر

سامي الريامي

أغلقت شرطة دبي، بالتنسيق مع هيئة تنظيم الاتصالات، 10 آلاف موقع وحساب تواصل اجتماعي مشبوه، ذات صلة بجرائم إلكترونية خلال عام 2016، وأغلقت العدد ذاته خلال العام الماضي، ومن غير المستبعد أن يتساوى عدد المواقع والحسابات التي يتم إغلاقها، أو يزيد، خلال العام الجاري، فالوضع يزداد سوءاً، وأعداد وأشكال الجريمة ترتفعان، والترصد بهدف الجريمة عبر هذه الوسائل يزيد حرفة وعدداً.

الجرائم الإلكترونية التي رصدتها شرطة دبي، وغيرها من الجهات المعنية في الدولة، تسببت في أضرار مباشرة، تصل أحياناً إلى درجة التدمير الذاتي للأبناء من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، منها استدراجهم إلى التصرف أحياناً بطريقة مخلّة، وتصويرهم وابتزازهم، سواء من قبل أفراد، أو من خلال تنظيمات تنفذ هذه الجرائم بدرجة كبيرة من الاحترافية، وقد تنبهت دول غربية كبرى إلى هذه المخاطر حين صُدمت بانتحار مراهقين تعرضوا لضغوط نفسية رهيبة من قبل مبتزين عبر وسائل التواصل!

ومن بين الأضرار كذلك الانعزال التام عن الأسرة والمجتمع، والانخراط في علاقات مع غرباء يغرسون فيهم قيماً مختلفة وربما يستغلونهم لاحقاً، وتتفاوت الأضرار أحياناً بحسب طبيعة شبكة التواصل، فرُصد، من خلال «إنستغرام» و«سناب شات» مثلاً، تورط أبناء ومراهقين ليسوا على دراية كافية بالمخاطر، في الكشف عن معلومات تخص أسرهم وذويهم، ما يجعلهم عرضة لجرائم مثل السرقة!

ورصدت الإدارة العامة لحقوق الإنسان حالة تفكك اجتماعي وخلافات بالغة التعقيد بين آباء وأبناء، خصوصاً الفتيات، بسبب اندفاع المراهقين إلى الظهور عبر وسائل التواصل بطريقة تتنافى مع قيم المجتمع، معتبرين أن هذا حق لهم في التعبير عن أنفسهم، ووصل الأمر إلى درجة انقسام أسري، وسجلت حالات لمراهقات هربنَ أو ابتعدنَ عن أسرهن، بسبب تأثرهنّ بهذه الشبكات!

والكارثة الحقيقية أن الجرائم السابقة قد لا تعتبر خطراً كبيراً عند مقارنتها بما هو أكبر وأخطر، حيث رصدت الأجهزة الأمنية المعنية في الدولة تأثيرات بالغة الخطورة في المراهقين والشباب، بل والأطفال، وحذرت «خدمة الأمين» بجهاز أمن الدولة، من تعرض هذه الفئات لتأثير متدرج، من قبل جماعات متطرفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، باستدراجها إلى حوار يبدأ بحديث عادي حول الصلاة، على سبيل المثال، ثم يتطور لتتم السيطرة على الطفل أو المراهق بعد دراسة حالتيه الاجتماعية والنفسية.

والواقع يشير فعلاً إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي صارت ساحة حرب حقيقية، وأداة للاستقطاب من قبل جماعات إرهابية أو تنظيمات إجرامية عالمية، تستخدم هذه الشبكة ضد الأطفال والمراهقين، وتبثّ فيهم سموماً مختلفة الأهداف، قد تؤدي إلى عواقب وخيمة جداً.

الواقع يؤكد أنها أدوات خطرة بيد أطفال ومراهقين، وبقدر ما تهدف جميع الجهات المعنية إلى تنبيه أولياء الأمور، ونشر الوعي بينهم لمراقبة سلوك الأبناء، فإن لا أحد أبداً ينفي أهمية هذه الثورة التقنية والمعرفية، ولا أحد أبداً يطالب بحظرها أو إيقافها في الدولة، فهي شيء لا يمكن الوقوف ضده، لكن يمكن التحكم به عن طريق الاقتراب أكثر من الأبناء، ومراقبتهم بأساليب جاذبة لا طاردة، فإقناعهم بالمشكلة، وإشراكهم في معرفة حجمها، وكيفية الحدّ من مخاطرها، هي السبيل الوحيد لمكافحة الجرائم المتعلقة بهذه الوسائل.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر