كـل يــوم

لن يحل المشكلة من تسبب فيها!

سامي الريامي

الاقتصاد العالمي، بشكل عام، ليس في أحسن أحواله، وكل من يعمل في مجال القطاع الخاص يدرك أن مؤشرات الاقتصاد غير ثابتة إطلاقاً، وهي تراوح صعوداً وهبوطاً، وفقاً لمسببات كثيرة وعوامل عدة، وهذا أمر طبيعي جداً، ومن هنا يأتي دور الحكومات، فهي تتدخل بشكل مستمر من خلال سياساتها المالية والنقدية ومحفزاتها وقراراتها، لضمان بقاء مؤشرات الاقتصاد والنمو الاقتصادي في معدلات مقبولة تتناسب مع متطلباتها لتوفير الرفاهية والرخاء والحياة الكريمة للمواطنين.

وبعيداً عن التهويل أو التهوين، فإن الحركة الاقتصادية والتجار والمستثمرين بحاجة دائماً إلى تسهيلات وتحفيز وتشجيع، فهم يشكلون أساس الدورة الاقتصادية لكل اقتصاد ناجح، ولا ضرر إطلاقاً في أن تعيد دبي دراسة هذه المحفزات، لتطويرها بما يتماشى مع الوضع الاقتصادي العالمي، وبما يضمن استقرار الأسواق، ويعمل على تهيئة الجو المناسب للمستثمرين لممارسة أعمالهم بسهولة ويسر، وبكلفة معقولة تضمن لهم هامش ربح جيداً، وتضمن للمدينة ازدهارها ونموها.

دبي لا تعاني أزمة اقتصادية، كما أنها بعيدة عن أي «انهيار»، كما يحاول بعض نافثي السموم من خبثاء الإعلام الموجّه ترديد ذلك، ضمن أجندتهم المسمومة المدفوع لها بسخاء، كل ما في الأمر اجتهادات شخصية من مسؤولين تنفيذيين تسببت في وجود بوصلة خاطئة، توجهت نحو هدف خاطئ، وأدت إلى ارتفاع كلفة ممارسة الأعمال في المدينة، وكل ما نحتاج إليه اليوم هو إعادة توجيه هذه البوصلة نحو خفض هذه الكلفة، لتعود الأمور إلى ما كانت عليه وأفضل، فمزايا دبي أكبر بكثير من سهولة التفكير في فقدها.

لذا فإن العمل الجماعي والتنسيق المستمر، وقبلهما الصراحة والمكاشفة، هي أهم متطلبات المرحلة المقبلة، ومن دون أي ركن من هذه الأركان الأربعة لن تتم معالجة كل المشكلات بشكل ناجح، وأولى خطوات الصراحة والمكاشفة يجب أن تكون بتشكيل لجنة عليا أو فريق متخصص، بعيداً عن الدوائر المعنية، مهمته الأساسية إعادة دراسة الرسوم كافة، قديمها وجديدها، وإعادة تقييم كل رسم، وتحديد المبلغ بما يتناسب مع طبيعة الخدمة المقدمة، أو إلغاؤه إن كان مبنياً على تنظير دون وجود خدمة حقيقية، وأعتقد أن هناك كثيراً من الرسوم تقع في هذه الخانة، وحان الوقت لإلغائها!

وبصراحة أكثر فإن المسؤولين، الذين تفننوا في وضع الرسوم وزيادتها بشكل محموم وغير مسبوق، لن يهديهم تفكيرهم اليوم إلى خفضها، لذا المشكلة لن يحلها من تسبب فيها، لذلك لا نستغرب اليوم إعلان بعض الدوائر عن خطتها لتحفيز المستثمرين والشركات، من خلال «تقسيط» الرسوم، بالتأكيد ليس هذا هو الحل، وليس هذا بمحفز لاستمرار قطاع الأعمال، خصوصاً من الشركات الصغيرة والمتوسطة والشباب، فالتقسيط ما هو إلا تأجيل بسيط للمشكلة، وهو إجراء هامشي ضعيف، لا يرقى بالمحفزات والتسهيلات، التي أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الدوائر بتقديمها، فتعليمات سموه واضحة ولا تحتمل التأويل، سموه أمر بـ«خفض كلفة ممارسة الأعمال»، والدوائر تتحدث عن تقسيط رسوم، لذا يكمن الحل في إيجاد لجنة عليا تُصدر قرارات إلزامية للدوائر المحلية بشكل مباشر للتنفيذ، وبذلك نضمن عدم خروج هذه «الاجتهادات الشخصية» الخاطئة مرة أخرى، بعد أن كانت سبباً في وجود المشكلة من الأساس!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر