قصة نجاح مُلهمة.. تستحق أن تُروى

هي ليست مجرد حديقة مميزة، وليست وجهة سياحية مهمة فقط، كما أنها ليست مشروعاً يشكّل نقلة نوعية في مفهوم حدائق الحيوانات على مستوى العالم، هي في الواقع مزيج ناجح لكل هذه الأمور، إضافة إلى أشياء أخرى أكثر أهمية، فهي قصة نجاح لمجموعة مميزة من أبناء وبنات الإمارات، اختاروا أن يعملوا حيث وجدوا شغفهم، وأشبعوا رغباتهم الحقيقية في الخدمة والتعلم في آن واحد، وهي قصة نجاح لكسر ثقافة العيب التي سيطرت على كثير من العقول خلال السنوات الماضية، وهي أيضاً قصة نجاح في تغيير كثير من المفاهيم المغلوطة التي لم تعد تناسب تطور الدولة، ونهجها الأمثل في الاستثمار بأبنائها!

بالتأكيد هذه المقدمة ليست لغزاً، لكنها واقع موجود في حديقة حيوانات العين، حيث يقبع هناك الكثير والكثير من قصص النجاح التي كُتبت بهدوء، ومن دون ضجيج، قصص تستحق أن تروى، حيث الشباب والشابات المواطنون يعملون في كل قطاع من قطاعات العمل بالحديقة، وبنسبة فعلية وصلت إلى نحو 56%‏، وعندما نقول «نسبة فعلية» فهذا يعني أن الرقم فعلي وحقيقي، ولم يخضع لعمليات تجميل تلجأ إليها بعض الجهات « الحكومية»، حيث تحسب أعداد المواطنين بعد أن يُخصص ويُعهّد كثير من الخدمات، ليقل بذلك عدد الموظفين الإجمالي، وتالياً ترتفع أعداد المواطنين، فيملأون الدنيا ضجيجاً للإشارة إلى جهودهم الضخمة في توطين الوظائف!

لا يوجد في حديقة حيوانات العين مثل هذا الأمر، فالمواطنون موجودون في كل زاوية وكل مجال عمل، بدءاً من عند بوابات الدخول، ومن ثم المرشدون السياحيون، وعند أقفاص الحيوانات، ومدربون للطيور الجارحة والحيوانات المفترسة أيضاً، وما يميزهم جميعاً أنهم يعشقون هذا العمل لأنه بالأساس هوايتهم وشغفهم ورغبتهم الحقيقية، لذلك كان أداؤهم مشرفاً وإنتاجهم عالياً، والتصاقهم وحبهم للمكان لا حدود لهما!

في حديقة حيوانات العين هناك جواهر السويدي، وهي فتاة مواطنة تدرّب الطيور الجارحة، وتُقدم يومياً عروضاً لهذه الطيور، وعروضها جميلة ومميزة وتنال استحسان كل الزوار من عرب وأجانب، وما يجذبهم أكثر هو أنها فتاة من البيئة ذاتها، ومهاراتها بالتأكيد لا تقل عن أي مدرب عالمي، وهناك أيضاً سعيد الزعابي ذلك الشاب الإماراتي الذي يعمل بشغف وحب مع الحيوانات المفترسة، وبين أنيابها، فيدخل إلى أقفاص النمور والأسود والضباع، يُطعمها ويهتم بها، وهو يفعل ذلك لأنه عاشق منذ صغره للحيوانات، وهناك غيرهما كثيرون، مواطنون ومواطنات في كل المجالات، يعملون بأيديهم بإخلاص، بعد أن تجاوزوا كثيراً من الثقافات التي كانت تقيدهم وتعيقهم عن تحقيق أمنياتهم، وها هم اليوم يخدمون بلادهم ويدعمون السياحة فيها بكل فخر واعتزاز، وأصبحوا من دون شك نماذج مشرفة لأبناء وبنات الإمارات، فالعمل بالنسبة لهم لم يكن يوماً عيباً، خصوصاً إن كان المكان الذي يعملون به يسهم في تعزيز سمعة الدولة، ويدعم اقتصادها، ويزيد من حركة السياحة فيها.

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة