القارئ والمثقف

برز في الآونة الأخيرة صدام بين قراء ومثقفين، حول قضايا جدلية بطبيعتها، وهو إشكالية ليست بالجديدة فقد كانت موجودة على الدوام، لكن ليس كما هو عليه الحال حالياً. لقد تغير العالم من حولنا، وتطوّرت أساليب التواصل بين الفئات المختلفة، وأصبح الوصول إلى المعلومة والمعارف أسهل، وصارت الكتب على اختلافاتها الفكرية في متناول اليد أكثر من أي وقت مضى.

يحتاج الكاتب والمثقف إلى أن يكون جريئاً في طرح بعض القضايا لتحريك المياه الراكدة.

قبل سنوات كانت أعداد المثقفين والكُتاب قليلة جداً، وقد كان للبعض منهم دور في إثراء الحركة الثقافية، ودور محوري في طرح قضايا جريئة ومختلفة، سواء تم تقبلها أو محاربتها في تلك الفترة لأسباب اجتماعية أو دينية، وربما فكرية لا تتلاءم مع الوضع السائد آنذاك.

وعندما أتحدث عن المثقفين والكُتاب لا أقصد مثقفي «النص كم»، أو الذين يثيرون الجدل رغبة منهم في الشهرة باعتباره أقصر الطرق لينالوا شهرة مؤقتة، ليثبت بعد حين أن المثقف المزعوم ما هو إلا حالة مؤقتة من الشهرة تنكشف بسهولة مع الأيام والمواقف والقضايا المختلفة التي تهم شريحة كبيرة من المجتمع، بل إنّ المثقف والكاتب الحقيقي من يناقش قضايا ويتبنى أفكاراً قد تكون جديدة وجريئة لا يهدف منها سوى المصلحة العامة بعيداً عن أي مصالح شخصية.

خلال الفترة الماضية برزت هذه الإشكالية في العديد من النقاشات، البعض منها كان على شكل تغريدات، والبعض الآخر من خلال المقالات المنشورة في الصحف المحلية، وقد كان من الطبيعي أن تحدث انتقادات حادة من الطرفين، وتمسك البعض برأيه في مخالفة الآخر، والأسوأ من ذلك عندما يتجاوز الموضوع مرحلة النقد ليدخل في متاهات أخرى خارجة عن الذوق والأدب.

يحتاج الكاتب والمثقف إلى أن يكون جريئاً في طرح بعض القضايا لتحريك المياه الراكدة، وقد يتبنى قضية تلقى استهجان المجتمع رغم أنها واقعية ومنطقية لكنها في حاجة إلى الوقت، في المقابل على الكاتب أن يراعي العديد من الأمور من أهمها احترام أفكار واتجاهات القراء، وعدم الانتقاص من أي فئة في المجتمع، وأن يكون منصفاً موضوعياً لا متحيزاً ولا استفزازياً متكبراً، وبالنسبة لي الأهم من كل ذلك أن يعي وجود ثوابت دينية واجتماعية لا تقبل أنصاف الحلول.

يقول الشاعر سعيد قديح: «ليست الثقافة أن تقول شيئاً جميلاً، وتعمي غيرك بنورك الذي تملكه، إنما أن تكون أنت النور الذي يجعل غيرك يهتدي بخير ما تملكه».

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة