سياسة ترامب «الذي لا يفهم في السياسة»

يسيطر الإعلام الليبرالي على أهم الصحف الأميركية، ومجرد جولة في «تويتر» تشعر بصراخ هؤلاء ضد الرئيس دونالد ترامب، وأخطائه التي لا تُعدُّ ولا تُحصى وتصريحاته المثيرة للجدل، التي لم تتوقف منذ دخوله البيت الأبيض.

لا يوجد رئيس أميركي لا يخطئ، لكن خطأ لترامب مبالغ في تهويله 10 مرات أكثر من أي خطأ لأوباما مثلاً. الادعاءات بأن الرئيس ترامب لا يفهم في السياسة الخارجية تملأ تلك الصحف، ولم ندعِ أبداً أنه يفهم دون دليل، لكن بمقارنة سياسة ترامب نلاحظ أنه يعاكس كل سياسات أوباما، وأيضاً سياسة ترامب تتسق مع كل سياسات الرؤساء الأميركيين الذين سبقوا أوباما.

قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لم يكن قراراً حكيماً مطلقاً، لكن فلننظر إلى سياساته الأخرى، ألم يكن ترامب ومنذ حملته الانتخابية أول من ندد باتفاق أوباما سيئ الصيت المشبوه الذي وقعه مع إيران.. عفواً «شريفة» التي لا تتوقف عن ممارسة العهر السياسي، وتصدير التخريب إلى دول المنطقة، والذي وصفه ترامب بالأسوأ تاريخياً، وهو محق.

ألم يترك أوباما «شريفة» تعيث فساداً في المنطقة، وغض النظر عن عصاباتها المتورطة في تجارة المخدرات بأميركا اللاتينية (صفقة كاسندرا)، لتمويل سياسة الشر من أجل ذلك الاتفاق المشؤوم! ألم يتصدَّ ترامب لـ«شريفة» في سورية، وجعل محاربة نفوذها إحدى أهم أولوياته بغض النظر عن تحقيق نتائج تلك السياسة، نحن نتحدث عن المبادئ والأهداف التي أعلنها ترامب.

السياسة تقوم على المصالح، وتتطلب فهماً واسعاً للجغرافيا والتاريخ، ولا تقوم على المثاليات والانكفاء الداخلي الأوبامي، خصوصاً بالنسبة لدولة عظمى، وإحدى القوى المؤسسة للنظام العالمي ما بعد الحرب العالمية الثانية، وما بعد الحرب الباردة، وأيضاً ما بعد حقبة 11 سبتمبر.

سياسة ترامب «الذي لا يفهم في السياسة»، كما يقولون، جوهرها إعادة الولايات المتحدة إلى المشهد السياسي والدولي بعد نحو عقد من العزلة، وخير دليل تصريح وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، أثناء عرض استراتيجيته العسكرية في «البنتاغون»، أن القوة الأميركية الجوية والبحرية والبرية بدأت في التلاشي، وتصريح وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، بأن من أولويات واشنطن منافسة النفوذ الروسي والصيني.

ترامب أعاد الولايات المتحدة إلى حلفائها التقليديين، فالمملكة العربية السعودية الشقيقة، ودولة الإمارات، هما الأكثر تأثيراً في المشهد الإقليمي، ورأس حربة في مواجهة فساد «شريفة» وذيلها تنظيم الحمدين الإرهابي، وبقية فلول الظلام الموزعة في أرجاء العالم العربي.

قرار المقاطعة قزّم تنظيم الحمدين الإرهابي وحجّمه، بحيث لم يعد تأثيره يصل إلى خارج حدوده، وأيقظه من أحلام السيطرة خارج الحدود بغرض التخريب وإحداث الفوضى، وأعاده إلى الواقعية السياسية. فمن لا قوة له ويستقوي بـ«شريفة» وغيرها لا وزن ولا شرف له!

ختاماً: قرار المقاطعة صائب تماماً، ويعكس حرص القيادة الرشيدة في الدولة على أمن الوطن والمواطن، وكل من يعيش على أرضنا الطيبة من جهة، وهو جزء من سياسة الدولة بعزل التنظيم الإرهابي الجاثم على صدر الشعب القطري الشقيق، وإعادة رسم سياسات المنطقة بعد حقبة أوباما الفوضوية، وإعادة التمركز في ظل التحالفات التقليدية مع واشنطن، وتلك الطبيعية والنوعية والمنسقة والطويلة الأمد مع الأشقاء، الجارة الكبرى المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، ومصر من جهة أخرى.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة