كل يوم

العِظة والعِبرة من مخالفة سعيد جابر!

سامي الريامي

المخالفة المرورية التي حرّرتها شرطة دبي للأخ العزيز، سعيد جابر، بسبب انشغاله ببث مباشر عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي المشهور «إنستغرام»، وهو يقود سيارته، أصبحت حديث المجالس والمجتمع خلال الأيام الماضية، وانتشرت بشكل واسع جداً على منصات التواصل الاجتماعي كافة، وتحولت إلى خبر تناقلته صحف كثيرة، وأعتقد أن عدد من شاهدها، أو سمع وقرأ وتحدث عنها، يقدر بمئات الآلاف من دون شك.

وهذه هي العظة والعبرة، وهذا هو الهدف الرئيس من هذه القصة، فهي لا تخرج أبداً عن نطاق التوعية المرورية بأهمية الالتزام بالقانون أولاً، والحفاظ على سلامة السائقين أنفسهم ثانياً، وسلامة غيرهم من مرتادي الطريق ثالثاً، ولاشك في أن هذه النوعية من القصص لها تأثير إيجابي جداً في نشر الوعي المروري، وتحذير الناس من مغبة الانشغال عن الطريق بسبب مواقع التواصل الاجتماعي، التي تحولت إلى شبه إدمان عند الكبير والصغير، وبما أن أحداً لا يستطيع إيقاف هذا الإدمان، فلا مانع أبداً من محاولة التقليل من مخاطره قدر الإمكان، عبر نشر التوعية بشتى الطرق والوسائل المتاحة!

بالتأكيد سعيد جابر ليس مقصوداً بشخصه، ولم يرتكب جرماً عظيماً، وما فعله هو يفعله مئات بل آلاف من مرتادي ومشاهير عالم «السوشيال ميديا»، لكن هذا لا يعني التغاضي عن الخطأ، ولا يعني عدم وجود مخالفة، بل إنها مخالفة مثبتة بالدليل، وبالصوت والصورة، واللافت في هذه القصة أن شرطة دبي حين تلقت إشعار المخالفة، تابعتها، وتأكدت منها بشكل موثق، وتابعت حساب سعيد جابر لمدة 15 دقيقة، لتتأكد، قبل أن ترسل له على الحساب المباشر ذاته إشعار المخالفة المرورية! وربما لا يعرف البعض أن هذا الإجراء ليس هو الأول من نوعه، ولن يكون الأخير، فالشرطة تتخذ إجراءات شبيهة بشكل يومي، سواء عبر الدوريات الإلكترونية التي تجوب مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، أو عن طريق تلقي الملاحظات المرورية من مختلف أفراد المجتمع، عبر برنامج «كلنا شرطة»، أو من خلال مركز الاتصال الموحّد (901)، لترصد المخالفات وتحرّرها وترسل الإشعارات للمخالفين، وهذا جهد تشكر عليه القيادة العامة لشرطة دبي، وعليه فلا يعتقد أحد أن عدم رؤيته شرطي مرور على الطريق يجعله بمأمن من المخالفات المرورية في حالة قيامه بها!

لا أحد يمكنه تخيل عدد الحوادث التي تقع بسبب الانشغال عن الطريق، وتحديداً بسبب استخدام الهاتف المتحرك، والتصوير، أو متابعة وسائل التواصل الاجتماعي أثناء القيادة بالذات، ولا أحد يمكن أن يتخيل أنها مجرد لحظة لا تتعدى طرفة عين، قد تجعله قعيداً طوال حياته، أو قد يخسر حياته ثمناً لذلك، فهل هناك رسالة أو لقطة أو محادثة أو صورة تستحق إحدى هاتين التضحيتين؟!

قد يعتبر البعض ما حدث تصعيداً أو تضخيماً لموضوع بسيط، لكنه بالفعل ليس كذلك، ومثل هذه الممارسات انتشرت بشكل لا حصر له، وبحجم زيادة هذه الممارسات زادت الحوادث المرورية، وتالياً فإن تضخيم الواقعة بغرض التوعية، هو في حد ذاته أمر محمود، ولاشك إطلاقاً في عدم وجود إساءة لشخص سعيد جابر، فهو في نهاية الأمر حريص على المصلحة العامة، وعلى سلامته وسلامة الآخرين، لذلك فقد تقبل ما حدث بصدر رحب، رغم أنه حريص على عدم الإمساك بهاتفه وتثبيته بشكل آمن، ولكن مع ذلك اعتبرت الشرطة ذلك مخالفة، لأن مجرد قراءة ردود وتعليقات المتابعين، يشتت الانتباه عن الطريق!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر