5 دقائق

أين أشيائي

الدكتور علاء جراد

هل تمنيت يوماً أن «ترن» على الريموت كنترول لتعرف أين مكانه حين تنسى أين وضعته مثل ما تفعل مع الموبايل؟ هل تقضي الكثير من الوقت في البحث عن أشيائك ولا تجدها؟ إنها أمور بسيطة ويمكن تعويضها عندما نفقد غرضاً بسيطاً، لكن ماذا لو كان هذا الشيء ذا قيمة كبيرة، سواء مادية أو معنوية، ماذا عن الأطفال المخطوفين أو السيارات المسروقة؟ ماذا عن أغراض مهمة وحقائب تضيع في الشحن، وكل ما تقدمه شركات الطيران قليل من الدولارات!

 

الحل يكمن في الثورة الرقمية القادمة التي انطلقت بالفعل في صورة ما يسمى «إنترنت الأشياء» أو Internet of Things، قد نكون مررنا بهذا المصطلح، لكننا لم نتوقف عنده، إن «إنترنت الأشياء» مصطلح يعني إمكانية التواصل بين جميع الأشياء وتبادل البيانات في شبكة فائقة الضخامة ستصل في عام 2020 إلى 50 مليار شيء، وليست أجهزة المحمول أو الأجهزة فقط هي التي ستتواصل، بل الكائنات الحية والجماد أيضاً، وتنطوي هذه التكنولوجيا على إمكانية تتبع أي شيء والتواصل معه بيانياً من خلال شريحة أو «استيكر» (لاصق)، وبالتالي يمكن قياس أي مؤشرات مطلوبة، فمثلاً يمكن لهذا اللاصق على حقيبة السفر أن يتواصل مع هاتفك المحمول لتتبع خط سير حقيبتك، وينطبق ذلك على أي شيء بداية من الأطفال والحيوانات الأليفة، وامتداداً إلى الأوراق والمستندات. وأحد التطبيقات التي ستزيد من رفاهية الإنسان مثلاً أن تبتلع «قرصاً رقمياً» صغيراً ليقوم بإرسال التحاليل والقياسات والصور كافة إلى تليفونك أو إلى كمبيوتر الطبيب المعالج، ومن ثم يحدد الطبيب الوصفة التي تذهب للصيدلية مباشرة، ومن ثم يصلك الدواء أياً كان مكانك، كما يمكن للطبيب الإشراف على جراحة لمريض عن بعد باستخدام الروبوت. هذا ليس خيالاً علمياً، بل بدأ تطبيقه بالفعل، وبدأ مفهوم «الطب الذاتي» و«الطب الرقمي» في الانتشار، ولمزيد من الرفاهية فإن مثل تلك الشريحة المثبتة في جسمك ستتواصل مع جهاز التكييف لتبلغه أي درجة حرارة ترغب، بل يمكنها إرسال إشارات مباشرة من المخ للأشياء.

هذه التكنولوجيا هي محور تصميم «المدن والمجتمعات الذكية»، حيث ستتواصل وسائل المواصلات مع بعضها بعضاً، وكذلك كل شيء من أجل تسهيل حياة البشر، لكن يبقى السؤال المهم جداً، هل نحن مستعدون لهذه الثورة الرقمية، هل ثقّفنا أنفسنا واستعددنا فكرياً وتشريعياً وأخلاقياً ودينياً؟ هل نعلم حجم التحديات التي تصاحب هذه الثورة؟ أم ننتظر فقط اكتمالها حتى نستوردها، ثم لا ندري كيف نتعامل مع أعراضها الجانبية! وللحديث بقية بإذن الله.

Garad@alaagarad.com

@Alaa_Garad

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .  
 

تويتر