الجاهزية للعمل

إحدى المشكلات التنموية والاجتماعية، التي تمتد آثارها إلى أبعاد أخرى كثيرة، هي مشكلة البطالة، وهي نوعان، بطالة مباشرة، أي أن الأفراد لا يجدون فرص عمل، وبطالة غير مباشرة، أو كما يطلق عليها «بطالة مُقنّعة»، أي وجود أشخاص في وظائف يتلقون رواتب ومعاشات، لكن الوظائف التي يشغلونها لا تضيف قيمة، أو أنهم غير مُنتجين، وذلك له أسباب عدة، وسواء أكانت البطالة مباشرة أو غير مباشرة، فإنها تشكل عقبة حقيقية في طريق التنمية والتقدم.

من خلال الاطلاع على تجارب بعض الدول نلاحظ أن «الجاهزية للعمل» موضوع محوري في مؤسسات التعليم هناك.

تختلف الحلول لهذه المشكلة، وهناك العديد من التجارب الناجحة، والفاشلة أيضاً، في هذا الصدد، لكن القاسم المشترك في نجاح أي مبادرة هو التخطيط الجيد، وعلى المدى الطويل، وليس حل المشكلة خلال عام أو اثنين بحلول سريعة، لتتفاقم المشكلة في ما بعد، ويلي التخطيط رصد الميزانية اللازمة، والالتزام بتطبيق الخطة، ويعتبر البدء من التعليم هو المفتاح السحري لحل هذه المشكلة، وعلى المدى الطويل، فالتعليم ينبغي أن يسهم بالقدر الأكبر في حل المشكلة، لأن الافتراض هنا هو أن التعليم الجيد سيؤهل الخريج للالتحاق بالعمل، ويسهم تماماً في رفع جاهزية الخريج، ليستطيع مع قليل من التدريب أن يلتحق بسوق العمل، سواء بوظيفة في إحدى الشركات أو الدوائر الحكومية، أو أن يبدأ عمله الخاص، وفي كل الأحوال، فإن رفع جاهزية الخريجين للالتحاق بسوق العمل هو أمر حيوي، ويكمن فيه الحل الجذري.

من خلال الاطلاع على تجارب بعض الدول، مثل دول الشمال، أو الدول الاسكندنافية، وكذلك بريطانيا، وبعض الدول الآسيوية، مثل كوريا الجنوبية، وسنغافورة، نلاحظ أن موضوع «الجاهزية للعمل» أو Employability هو موضوع محوري في مؤسسات التعليم العالي والتعليم الفني والمهني، وفي كل الشهادات المنتهية، والتي يلتحق بعدها الخريج بالعمل، حيث توجد إدارات وفرق عمل متخصصة، تعمل على هذا الموضوع، كما يتم رصد الميزانية اللازمة، فلا يتم إطلاق مبادرة أو مشروع من دون «كود الصرف»، أي أنه تم رصد ميزانية وتخصيص كود في الحسابات لهذا المشروع، ولا يتم إطلاق المشروع ثم تبدأ رحلة البحث عن بند في الميزانية لتحميل المصروفات عليه، خصوصاً أنه في معظم الجامعات العربية لا يوجد الكثير من الاهتمام بموضوع رفع الجاهزية للالتحاق بسوق العمل، على الرغم من أن معايير هيئات الاعتماد الأكاديمي تطالب بذلك، لكن على أرض الواقع لا يوجد الكثير، بخلاف مبادرات متناثرة من حين إلى آخر. أعتقد أن هناك فرصة ذهبية لتضافر الجهود في هذا الجانب، الذي سيحل بدوره العديد من المشكلات الأخرى.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة