السموحة

الاستقالة

أحمد أبو الشايب

لو استقال بلاتر، أو انسحب من الانتخابات الأخيرة، لحفظ ماء وجهه، ولما فاحت رائحة الفساد بهذا الشكل «المقزز» الذي فتك بمنظمة كرة القدم الدولية، وجرّدها من معانيها السامية التي أنشئت من أجلها، ثم حولها من هيئة ترعى مصالح اللعبة الشعبية الأولى في العالم وفق الأطر الرياضية الإنسانية، إلى «سوبر ماركت» يُباع فيها ويشترى، وتعقد فيها الصفقات من تحت الطاولة ومن فوقها على مرأى الجميع.

لم أكن أتوقع يوماً أن كرة القدم فيها «منافع للناس» لدرجة تدعو المرء إلى التشبث بكرسي الرئاسة لهذه الدرجة المقيتة، رافعاً شعار «يا قاتل يا مقتول» لكل من أراد الاقتراب من عرشه وإمبراطوريته، حتى رأينا بلاتر يضحي بتاريخه ومبادئه وبصديقه بلاتيني، وبكل من شاهدناه يمسك بيده يوماً من الأيام.

•لم أكن أتوقع يوماً أن كرة القدم فيها «منافع للناس» لدرجة تدعو المرء إلى التشبث بكرسي الرئاسة لهذه الدرجة المقيتة.

ما هذه الشراسة في التمسك بمنصب يفترض أنه تطوعي، لا يضيف إلى الشخص الذي يتولاه أي «قرش» على الصعيد المالي.

بل كنا نسمع سابقاً أن مثل هذه المناصب هي مضيعة للوقت والجهد، ومسكين من يرضى العمل فيها، وغالباً ما تتم تزكية شخص يتولاها ويُجدد له حتى الملل، كما كان يحدث في زمن هافيلانج وما قبله.

لو استقال بلاتر في التوقيت المناسب كما وعد، وسلّم الكرسي إلى خليفته، قبل أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم، لخرج بـ«شياكة» كاملة، ودوّن اسمه ضمن أساطير كرة القدم الذين خدموا «الدائرة المستديرة».

وأصبح رمزاً من رموزها العظماء، لكن «جشع» الجلوس على الكرسي لحكم نحو 500 موظف داخل مبنى الـ«فيفا» وإدارة 209 اتحادات أهلية في العالم وآلاف المتطوعين، فضلاً عن حرية التصرف في أكثر من خمسة مليارات دولار بجرة قلم، أعمى عينيه عن النظر إلى باب الخروج الآمن، الذي لو سلكه لجلس مصاناً مهاباً ومحترماً من جميع الأطراف التي وقفت معه وضده.

تعنّت بلاتر وجشعه بالكرسي، وعدم إيمانه بسنة الحياة والتغيير وعدم فسح المجال للآخرين، قاده كل ذلك إلى النهاية السوداء التي مسحت تاريخه وعمله، وألغت وجوده في متحف العظماء.

وكشفت فضائح الـ«فيفا»، وتهاوت فوقها لعبة «الدومينو» التي لم ولن تنتهي مع مجلس الاتحاد الجديد.

وستستمر بعد أن تفتحت أعين العالم على ما يجري في الاتحاد الدولي، «والله يستر كيف ستنتهي الأمور».

ساعات، ويعلن العالم عن بداية جديدة لمجلس إدارة «فيفا»، التي يتنافس فيها المرشحون الخمسة المعروفون.

وهنا أدعو الجميع إلى أن يتركونا من العصبيات والتربيطات والمؤامرات ويذهبوا إلى صندوق الاقتراع، لانتخاب الأجدر والأقدر على إعادة كرة القدم إلى هيبتها وفطرتها ونزاهتها.

#####

اكتشفنا أن مثل هذه المناصب «فيها مآرب أخرى» ليست كما يدعي أصحابها في الإعلام بأنها تطوعية، لأنها لم تعد كذلك في هذا العصر الاحترافي.

shayebbb@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

 

تويتر