عند أبواب المساجد تتضح الصورة

عندما نقف عند أبواب المساجد، وفي محيطها الضيق، أثناء أوقات الصلاة المكتوبة، نكتشف حجم الفجوة بين العبادة والمعاملة في ثقافتنا الدينية، بل حجم الخلل في مفهومنا العام للعبادة ذاتها، بحيث وصل حرصنا على إدراك الصلاة مع الجماعة، في كثير من الأحيان، إلى إحداث الإيذاء لمفهوم الجماعة في الإسلام.

خارج سور المسجد يبدو الشارع أثناء وقت الصلاة في حالة خاصة من تكدس السيارات والوقوف العشوائي، والاعتداء على الرصيف من دون الالتفات إلى ضرر هنا وتعطيل للحركة هناك، ناهيك عن المنظر القبيح والصورة المشوهة التي نقدمها لأطفال المسلمين، قبل أن تكون لغير المسلمين الذين يشاركوننا الحياة، والذين يدعونا ديننا إلى أن نكون نماذج سلوكية رفيعة تجعلنا مؤهلين لدعوتهم إلى فهم الإسلام من دون الحاجة إلى كثير كلام.

• نعم، هناك خُطب جمعة، وهناك دروس شبه يومية، لكن العبرة بالنتائج والحكم على المخرجات، وعند أبواب المساجد تتضح الصورة.

وعند مداخل المساجد تقف الأحذية و«النعول»، أجلكم الله، في مواجهة التوجيه النبوي الشريف بإماطة الأذى عن الطريق، ليصبح رمي الأذى في طريق المصلين هو «السنّة المؤكدة» التي جعلت المشهد جزءاً من ديكور المساجد، وتبدو في الجانب الآخر الخزائن المخصصة لهذا الغرض عرضة للتجاهل إلا من بعض «الشاذين» عن تلك الثقافة السائدة.

هنا يبدو الإشكال واضحاً في مستوى فهم الإسلام لدى أغلبنا، ويتجلى أكثر في تصرفات بعض أصحاب الهيئة المتدينة، الذين لم يأخذ أكثرهم من الدين غير هيئة تُميّزه عن غيره في الشكل لا عمق المضمون. ولا يقف الخلل عند الأفراد بل يتعداه إلى المؤسسات، عندما تتعمد سلطات المرور التغاضي عن هذه الفوضى في الشوارع المحيطة بالمساجد بذريعة وقت الصلاة، وتشرّع سلطات المواقف الوقوف الخطأ خلال أوقات الصلاة، بحجة التسهيل على المصلين. والمحصلة تبدو، ظاهراً، في الحرص على أداء الصلاة، وتكشف بشكل سافر عن خلل كبير في الوعي الديني العام، الذي نراه ينسحب على كثير من تصرفاتنا وسلوكياتنا، في الخاص والعام، من تجاوزات لتعاليم الدين وجهل لكثير من مقاصده السامية.

هذا يوصلنا إلى مدى الضعف الذي أصاب دور المسجد في تأصيل الثقافة الإسلامية، وتربية النفوس السوية، ليصل الجهل فيمسّ المسجد نفسه، كبناء ومرافق ومظهر عام، على الرغم مما يُصرف على المساجد ومرافقها. نعم، هناك خطب جمعة، وهناك دروس شبه يومية، لكن العبرة بالنتائج والحكم على المخرجات، وعند أبواب المساجد تتضح الصورة.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة