استبقوا الخيرات (1)

هل العقل البشري والموارد المسخّرة في الطبيعة وفي ما نملك، وجدت لنا لمجرد الاستمتاع بها؟ أم أنها أدوات منحنا الله، سبحانه وتعالى، إياها لننجح في اختبار «فاستبقوا الخيرات»..

ما الخيرات؟ وهل نستطيع تمييزها عن الشر؟ بالطبع يمكن لمن يرغب في معرفة ما الخيرات وكيف يميزها، أن يبحث في شريعته ومنهجه الرباني، الذي أنزله الله، سبحانه وتعالى، على أنبيائه.

﴿لِكُـلٍّ جَـعَـــلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾.

هذه الآية تحدثت عن الأديان السماوية التي تشابهت في رسالتها الأصيلة «عبادة الله وحده»، ورغم أن لكل منها منهاجاً وشرعاً مختلفاً، لكن جميع الشرائع ترشد إلى الخير وطرقه التي كلف الله بها الإنسان في الأرض، فمن منا سيستبق عمل الخير قبل الآخر مهما كان المنهج أو الشرع الذي يتبعه، ومادمنا سنبادر للخير راجين مرضاة الله فإنه سيردنا إليه ويعلمنا سبحانه من منا الأصح في منهجه الذي دائماً ما يكون محط خلافنا كأصحاب ديانات سماوية.

هناك اختلاف في مناهجنا وشرائعنا، لكن علينا جميعاً، بما وهبنا الله من عقل، أن ندرك ما الخير الذي يجب أن نستبق ﻷجله، إلا إذا كان العقل الذي نملكه فاقداً للخصائص البشرية التي فطرنا الله عليها، أو إذا كنا نعتنق منهاجاً وشريعة مخالفين لما نزل في كل الأديان السماوية، وما يتواءم مع الطبيعة البشرية.

إن المبادرة لفعل الخير هي الطبيعة البشرية الحقيقية، ومن فقدها فقد طبيعته، وسبحان الله الذي جعلنا نرى عجائب من عالم الحيوان فيها مبادرات لحيوانات تجاه بعضها بعضاً أو تجاه الإنسان، رغم أنها لا تملك عقلاً لتمييز ما تفعله مثل عقل الإنسان.. ولكنها حكمة الله ورحمته ليعظنا بها.

طرق الخير والمبادرة فيه واضحة لمن يبحث عنها ويرتادها، وفرصها التي تمر علينا يومياً تكاد تكون بالملايين، وما يمنعنا عنها سوى كسلنا واعتقاداتنا وشكوكنا،

فمثلاً عندما تحاول الدخول إلى محل وخلفك رجل كبير في السن، أو امرأة تحمل ابنها بيدها، أليس من السهل عليك أن تفتح الباب وتمسكه حتى يدخلا منه..

أليست مبادرة سهلة تتكرر فرصتها عشرات المرات؟

قس على هذه الفرصة للمبادرة إلى الخير واستباقه آلاف الفرص، الصغيرة منها والكبيرة، التي من الممكن أن تمر عليك وتفوتها.

مجتمع الإمارات حظي بما لم يحظَ به الكثير من مجتمعات العالم من موارد تدعم مبادراتنا للخير، وليس هناك داعٍ لدينا في هذا المجتمع أن ننتظر الفرص لنبادر، فقد تعلمنا من قادتنا أن نكون مبادرين دائماً وأن نكون صناعاً للخير، لا منتظرين لحلول فرصته..

ولنا في مهندس المبادرات سيدي صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي قدوة للمبادرة واستباق الخير في كلمته الشهيرة في كتاب «رؤيتي»

«نحن لا ننتظر الأحداث.. بل نحن من يصنعها».

وللحديث بقية..

saeed@uae.net

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة