السموحة

لكمة إلى ميسي ورونالدو

أحمد أبو الشايب

القائمة التي أصدرتها مجلة «فوربس»، عن الرياضيين الأكثر دخلاً في العالم لعام 2015، مثيرة للاهتمام، لما تحتويه من معلومات وأرقام فيها دروس وعبر لكل من يعمل في الرياضة من لاعبين وإداريين وشركات تسويق خاصة في عالمنا العربي، ونحن مازلنا نبحث عن موطئ قدم على خارطة الرياضة.

القائمة أظهرت أن الملاكم الأميركي، فلوريد مايويذر جونيور، هو الرياضي الأغنى والأعلى دخلاً في العالم، متفوقاً على أكثر نجمين شهرة، رونالدو وميسي، علماً بأننا لو أجرينا اختباراً للناس، ووضعنا صوراً للرياضيين الثلاثة، وطلبنا من الجمهور تحديد هويتهم، فأعتقد أن 90% لن يتعرفوا إلى الملاكم، بينما 100%، ومن ضمنهم الأطفال الصغار، سيشيرون بأصابعهم إلى النجمين البرتغالي والأرجنتيني، وسيذكرون تفاصيل دقيقة عنهما وعن حياتهما.

هذه القائمة ثابتة لا تتبدل منذ 25 عاماً، ودائماً الفائز بها أميركي.

تتوهم أوروبا بأنها المسيطر على الرياضة، والماسك بمفاتيحها، كونها البؤرة التي تجتذب العالم في موقعها الجغرافي، ومنها انطلقت اللعبة الشعبية الأولى في العالم ــ حسب ادعائهم ــ لكن هنالك في أميركا الأمر مختلف، كونهم أصحاب النظرة الثاقبة في «البزنس»، ولديهم القدرة على الثراء في ثوانٍ معدودة، من خلال زاويتهم التي يرون منها العالم، فالرياضة من وجهة نظرهم ليست كتلك التي نعرفها، وتخضع للاتحادات الدولية، مثل «FIFE» أو«FIVB» أو«FIBA»، وتتم ممارستها بقوانين وبروتوكولات معينة، بل إن لديهم مؤسسات خاصة لممارسة الألعاب نفسها، وتقدمت بآلاف الأميال عن هذه المسميات.

في أميركا يمارسون الرياضات المحترفة غير المنضوية تحت الاتحادات الأولمبية، وهي تغرد خارج السرب، وتتوفق على كل ممارسيها في العالم، من النواحي الرياضية والمالية والتنظيمية، وكل شيء.

على سبيل المثال، نجد دوري كرة السلة الأميركية (إن بي إيه) أقوى من بطولة العالم للعبة نفسها، ورياضيوها يفوق مستواهم نظراءهم في العالم، ويجنون الملايين، وكذلك الملاكمة، وبناء الأجسام، وكرة القدم الأميركية، والهوكي، والسباحة، وألعاب القوى، هذه الرياضات هي مشروعات تجارية ضخمة، تدر ملايين الدولارات.

الملاكم مايويذر، الذي لعب مباراة قوية واحدة هذا العام، سُميت «مباراة القرن»، مع الفلبيني ماني باكياو، وأقيمت في لاس فيغاس، حصل على 180 مليون دولار، مقابل 120 مليوناً للفلبيني، وذكرت تقارير أن أرباحها وصلت إلى 400 مليون دولار، فيما بلغ التحضير للمباراة بشكل مباشر أو غير مباشر خمس سنوات، وبسبب هذا النزال أصبح البطل الفائز الأكثر دخلاً في العالم، بحصد 300 مليون، متفوقاً على مجموع ما حصده معاً رونالدو (79 مليوناً) وميسي (73.8 مليوناً)، فيما جاء البطل الفلبيني، خاسر اللقاء، في المركز الثاني عالمياً، وله 160 مليوناً، علماً بأن قائمة العشرة الأوائل ضمت ثلاثة لاعبين من دوري السلة الأميركي، وتايغر وودز لاعب الغولف الشهير.

هذه القائمة ثابتة لا تتبدل منذ 25 عاماً، ودائماً الفائز بها أميركي، وهي الجنسية التي تحظى بنصيب الأسد فيها، ولم يكسر هذه القاعدة سوى الألماني مايكل شوماخر عامي 1999 و200، وأكثر من تسيّدها أعواماً تايغر وود، ثم مايكل جوردن، ومايك تايسون.

إذاً، أوروبا تلعب، وتستمتع، وتسرق الأضواء، وتتنازع على منصب رئاسة «فيفا»، وتضع عصارة فكرها لاكتشاف مبدأ «إعادة الكرة إلى الحارس»، أما أميركا فتحلّق وحيدة متحررة من القيود، وتستثمر، وتجني الأرباح، وتنتج أعظم الرياضيين في العالم، فأين نحن من «المال والأضواء»؟

shayebbb@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر