5 دقائق

السيدة العجوز!

د.سعيد المظلوم

«إنّ أشكرَ الناس لله عزّ وجلّ أشكرُهم للناس».

                                            حديث شريف

عمر فارس صديق افتراضي قديم أصبح صديقاً واقعياً بعدها، تعرفت إليه في 2002، إبّان ذروة المشاركات في المنتديات «منتدى الهدف». أنا وعمر يحمل أطفالنا الأسماء نفسها «شيخة وهيا وعبدالله»، عمر عاشق لنادي يوفنتوس الإيطالي وعشاق هذا النادي يعيشون هذه الأيام فرحة الصعود للدور قبل النهائي لدوري الأبطال بعد سنوات عجاف.. قبل أيام أرسل عمر لي هذه القصة اللطيفة، قصة تعلمت منها معنى الاحترام والتقدير والمودّة، فلنقرأها معاً:

كانت العجوز إيليانا تقدم المأكولات والمشروبات إلى اللاعبين، الأطفال الثمانية الذين كانت تهتم بهم كانوا بارعين وصلبين ومتميزين عن البقية، وكلما أحرزوا هدفاً صرخوا «لافيكيا سنيورا»، أي: «السيدة العجوز».

قبل تأسيس نادي اليوفنتوس كانت السيدة إيليانا تسكن شرق تورينو، وبجانب منزلها ملعب صغير يلعب به نحو 13 طفلاً، كانت السيدة إيليانا تهتم بالأطفال وتستمتع برؤيتهم وهم يلعبون الكرة، وكانت تصنع لهم المأكولات والمشروبات كل يوم، إلى أن افتُتح نادي اليوفنتوس وتم التحاق ثمانية من الأطفال بالنادي في فريق الأشبال. وفي تلك السنوات كانت هناك دورة تُنظّم كل أسبوع (يوم السبت)، وكانت العجوز إيليانا تحضر إلى الملعب وتقدم المأكولات والمشروبات إلى جميع اللاعبين، الأطفال الثمانية الذين كانت تهتم بهم كانوا بارعين وصلبين ومتميزين عن البقية، وكلما أحرزوا هدفاً صرخوا «لافيكيا سنيورا»، أي: «السيدة العجوز»، وفي ذلك الوقت كان الحضور الجماهيري للأطفال أكثر من الحضور للكبار، لأن أهالي الأطفال يتجمعون ويأتون من مسافات بعيدة.

كبر الأطفال ولم يواصل اللعب مع اليوفنتوس إلا لاعب واحد فقط يدعى ألبيرتو فلاسكي، وهو الوحيد من الأطفال الثمانية الذي مثل الفريق الأول. وفي عام 1908 بالتحديد جمعتْ مباراة بين اليوفنتوس وتورينو، وهو يوم افتتاح أكاديمية اليوفنتوس (إذْ أُطْلِق لقب السيدة العجوز على الفريق، نسبةً إلى السيدة إيليانا والحماس الذي كانت تبثه في أولئك الأطفال). مضَتْ 107 أعوام ومازالت الذكرى باقية، ومازال التقدير قائماً!

نترك التاريخ لنعود إلى الواقع، واقع الوظيفة والموظفين، حيث نجد البعض لا يلقي للكلمة الطيبة بالاً بقدر رغبته في «التقدير المادي»، نظراً لتكاليف الحياة ومتطلباتها، لكن مازالت هناك فئة تُفَضّلُ وتُقَدّم «التكريم المعنوي» على غيره.

ومهما كان نوع التكريم والتقدير، فلابد للقائد من الانتباه إلى كلمات خمس: أحصِ الإنجازات، كن مباشراً، اجعل نوعَ التكريم بحجم الإنجاز، واجعله مفاجأة سعيدة، وفي وقته المناسب.

باختصار: ازرع «الفرحة» في محيط عملك!

madhloom@hotmail.com

Saeed_AlSuwaidi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر