5 دقائق

«دعاء الأم» الذي تحقق بعد 40 عاماً!

د.سعيد المظلوم

«قد ترى السماء من ثقب إبرة».

حكمة يابانية

قبل خمسين عاماً ونيف كانت تركستان تعاني الفقر والتخلف والحروب، فقرر عبدالستار مولوي الهجرة إلى السعودية في عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز، وحلَّ في الطائف الباردة نسبياً لتذكره ببلاده. مرت السنون وتزوج وأنجب أطفالاً، ثم انتقل إلى جدة لتعليم أبنائه، وهناك افتتح دكاناً لصناعة الأحذية وتصليحها، فكان عبدالعزيز (طفله) يتعلم نهاراً ويعين والده في دكانه بعد المدرسة.

«عندما استقبله إمبراطور اليابان سُرّ بإتقانه اللغة اليابانية، وأرسل رسالة للملك عبدالله يشكره».

العلم والعمل صقلا شخصية الشاب عبدالعزيز بشكل عجيب، وأتاحتْ له هذه المهنة التعامل مع الكثير من الأجناس والأعراق أثناء الحج، فساعده ذلك على اكتساب شخصية قيادية متسامحة ومثقفة. لا ينسى عبدالعزيز شخصيتين كان لهما عظيم الأثر في حياته: الأول عبدالله نصيف، الذي ساعده على دخول الجامعة، إذ لم يكن حينها مواطناً سعودياً، والثاني إبراهيم أفندي، الذي كان سبباً في قبوله كأول مبتعث إلى اليابان لدرجتي الماجستير والدكتوراه في العلاقات العامة.

كان الطالب عبدالعزيز سفيراً فوق العادة لبلده ودينه خلال دراسته، ساعده على ذلك إتقانه اليابانية بطلاقة، ولهذا عمل بعد تخرجه في شركة «تويوتا» سنوات قبل أن ينتقل إلى التدريس الأكاديمي في جامعات عدة. اللحظة الفارقة في حياته حدثت عندما كان في زيارة عائلية لليابان عام 2008، إذْ تلقى مكالمة عاجلة من السفارة السعودية تطلب منه الحضور فوراً؛ ليستقبله السفير ويرحب به، قائلاً: مرحباً بمعالي السفير، ويبلغه بأمر الملك الراحل عبدالله بتعيينه سفيراً للمملكة في إمبراطورية اليابان، والغريب في الأمر أن عبدالعزيز لم يحصل على الجنسية السعودية إلا قبل هذه اللحظة بثلاث سنوات فقط. وعندما استقبله إمبراطور اليابان سُرّ بإتقانه اللغة اليابانية، وأرسل للملك عبدالله يشكره على تعيينه في هذا المنصب.

قبل هذه الحادثة بأربعين عاماً حدث موقف مؤثّر، حينها كان الطفل عبدالعزيز يشاهد على التلفاز مع والده ووالدته خبرَ افتتاح الملك فيصل للمركز الإسلامي في اليابان، فسألت أم عبدالعزيز زوجها: لماذا لا أرى عربياً مترجماً للملك؟ أجاب: بعض اليابانيين يتقنون العربية ويقومون بالترجمة.

هنا نظرت الأم إلى ابنها عبدالعزيز ودعت له قائلة: «الله يجعلك بين الملوك والرؤساء في خدمة الدين».

يقول عبدالعزيز: مازلتُ أعيش فضل دعاء أمي، ومازلتُ مؤمناً بأن هناك «أملاً» حتى لو نظرت إلى السماء من ثقب الإبرة.

ربنا لا تحرمنا من طيب دعاء أمهاتنا.

madhloom@hotmail.com

Saeed_AlSuwaidi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر