5 دقائق

الموظف ابن سلول!

د.سعيد المظلوم

«يا عائشة ارفقي، فإن الله إذا أراد بأهل بيت خيراً دلّهم على باب الرفق». حديث شريف

عبدالله بن أبي بن سلول، كبير المنافقين ورأسهم، آذى الرسول، صلى الله عليه وسلم، وخاض معه صراعاً، وبموته انحسرت حركة النفاق. هذا ما عرفناه حينما كنا صغاراً، وقليلون هم الذين عرفوا أنه حين مرض وقربت ساعة وفاته، عاده المصطفى في بيته، فطلب ابنُ سلول منه أن يكفن بقميصه، فوافق عليه السلام.

ثمة موظف «سلولي» سلبي، تعيش معه 7 ساعات يومياً، يؤذيك عامداً متعمّداً، ويسعى لتثبيط همتك.

قال عبدالله بن عباس: سمعت عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يقول: لما توفي عبدالله بن أبي بن سلول، ودعي رسول الله للصلاة عليه، فلما وقف يريد الصلاة عليه، قلتُ: يا رسول الله أتُصلي على عدو الله! القائل يوم كذا، كذا وكذا؟ ورحتُ أعدِّد أيامه، ورسول الله، عليه السلام، يبتسم، حتى إذا أكثرتُ عليه قال: «أخِّر عني يا عمر، إني خُيرت فاخترت، وقد قيل لي: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾، فلو أعلم أني إن زدتُ على السبعين غُفِر له لزدت»، ثم صلى عليه.

للأسف، ثمة موظف «سلولي» سلبي، تعيش معه سبع ساعات يومياً، يؤذيك عامداً متعمّداً، ويسعى لتثبيط همتك، ويسبب لك مشكلات أنت في غنى عنها! لكن ما الحل مع هذا الصنف؟ عندما نرجع إلى موقف رسولنا الكريم مع ابن سلول، نستطيع أن نختصره بكلمة واحدة، إنها «التسامح» مع من آذاه، ولابد من الاقتداء برسولنا، رفقاً وتسامحاً، ولن نقدر على ذلك ما لم نتسامح مع أنفسنا أولاً!

كثيرون هم الخبراء الذين وضعوا خطوات للتعامل مع «الموظف ابن سلول»، والجميل أنهم ينظرون إلى وجوده بيننا بأنه أمر إيجابي، ويؤكدون أنه من خلال بشر كهذا نستطيع تطوير مهاراتنا الحياتية في التعامل، وعلى الرغم من أننا قد نختلف مع وجهات نظرهم، إلا أنها قد تثير لدينا تساؤلات ربّما تكون هي الأقرب إلى الصواب!

أحياناً يكون من التسامح «التجاهل»! لكننا ــ مع هذا ــ نذكّر بحديث الحبيب عليه السلام: «إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله».

madhloom@hotmail.com

@Saeed_AlSuwaidi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر