السموحة

تشفير المونديال.. فكّروا في الفقراء وراجعوا الأسعار

أحمد أبو الشايب

ليلة الخميس المقبل، وتحديداً الساعة 12، ستدوي صافرة انطلاق مونديال البرازيل 2014 في مواجهة قوية لأصحاب الأرض مع نظيرهم منتخب كرواتيا تعيدهم إلى ذكريات 2006، في ذلك اليوم الذي سيشهد مباراة واحدة فقط، سنواجه المشكلة الحقيقية في تشفير مباريات كأس العالم، وعدم قدرة الملايين من الناس في الوطن العربي، على رؤية أهم بطولة في العالم تسمى «اللعبة الشعبية» التي لا تحتاج ممارستها إلى أكثر من كرة أو شيء «على شكل كرة»، مع وضع حجرين كمرمى في إحدى الساحات العامة.

«في السابق كنا نشاهد كأس العالم مجاناً، دون أدنى عناء أو تفكير في شراء بطاقات فك تشفير».

في السابق كنا نشاهد كأس العالم مجاناً، دون أدنى عناء أو تفكير في شراء بطاقات فك تشفير، أو «ريسيفرات» منها ما يعمل ومنها لا يعمل، ومنها يحتاج إلى تسجيل في الموقع، وكان سعر شراء حق البث في متناول الجميع، يشتريه عادة اتحاد الإذاعات العربية، ويبث إلى جميع المشاهدين دون أي مقابل، لأن «الفيفا» على أيام الرئيس السابق القادم من بلاد السامبا «منبع كرة القدم»، البرازيلي هافيلانج، كان يؤمن بشعبية هذه اللعبة، وأحقية الفقراء في مشاهدتها في أرجاء العالم، حتى ان الاتحاد الدولي أقيم على مبادئ وقيم تدعم هذا الحق، وتؤكد على ترسيخ معاني اللعبة الأكثر شعبية في العالم، لتصل إلى الجميع دون تفريق بين اللون والدين والانتماء العرقي أو السياسي أو الطبقات، لأنها «ببساطة» لغة يتحاور بها العالم وتزيل الفوارق بينهم.

لكن ما نشاهده الآن، في السنوات الـ20 الأخيرة، وتحديداً بعد قدوم السويسري جوزيف بلاتر إلى سدة حكم إمبراطورية «الفيفا»، أن كرة القدم باتت تتخذ منحى آخر وتطبع نفسها بالعلامة «السويسرية» الفاخرة، وترفع مستوى جمهورها إلى الطبقات الغنية والمتوسطة دون النظر إلى الفقراء والبسطاء الذين هم أساس لهذه اللعبة، ومنهم يخرج اللاعب والحكم والجمهور.

«الفيفا» بدأ يتخلى عن المبادئ والقيم التي أُسس من أجلها، واستشرت فيه حالات الفساد والرشوة التي طالت أغلب أعضائه في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبح يلهث وراء زيادة الأموال وبيع حقوق البث، وتحول من منظمة تدير لعبة كرة القدم بأهدافها المعروفة التي تحافظ على مصالح جميع أطراف اللعبة بما فيها الاتحادات الأعضاء واللاعبون والحكام والمدربون والجمهور، إلى شركة تجارية همّها الوحيد الحفاظ على مصالحها في السوق وعقد الصفقات، وبيع البطولات.

عندما فتحنا في «الإمارات اليوم» تحقيق «التشفير والاحتكار.. وحقوق المشاهد» في خمس حلقات، كنا نبحث عن حل يضع حداً لهذه المشكلة، مع وجود شكاوى من الناس حول ارتفاع أسعار بطاقات مشاهدة المونديال من «مجاناً» إلى مبلغ رمزي، ثم إلى 1300 درهم حالياً، ولا نعلم كم سيصبح المبلغ في مونديال 2018، وهل هنالك أجهزة استقبال خاصة في ذلك الوقت. لسنا ضد التشفير وتقديم الخدمة المتميزة، لكن نقول لـ«الفيفا» عليك التفكير في الجمهور «الفقير» قبل طرح بيع البطولات، وافتح المجال لشركات أخرى للتنافس في نقل البطولة، أما «قناة بي إن سبورت» فنقول لها راجعي الأسعار.

shayebbb@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر