5 دقائق

صلبوخ يعرف أكثر!

سامي الخليفي

ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل، والأمل دفعنا لبيع ما نملك لكي ندخل عالم الأسهم والأضواء والشهرة للوصول إلى مصاف الهوامير من ذوي الدم البارد، واللعب معهم على النهائي وبطريقة البقاء للأقوى! ومنذ كارثة 2006 وأنا متفائل مع حُمى وميل للجنس الآخر، مع هذا يظل السؤال عن سوق الأسهم سابحاً في الفضاء: هل كان انهياراً أم هبوطاً أم انفصاماً في الشخصية؟! يعني السؤال بطريقة أخرى: هل سيعود الوضع كما كان؟!

وإن كنت من الضحايا سأرفع لك عقالي احتراماً، بشرط أن تسمع ما أقول ولا تقاطعني أو ترفع صوت التلفزيون، فعلى مدى شهور ووزارة الصحة تحذرني من عدم تناول حبوب منع الحمل - ياسمين- ولا تحذرني من قراصنة العيادات الخاصة أو من مدمني الأخطاء الطبية، وتعودت بعد كل كارثة أن يظهر من يقدم النصح لكي لا أعمل به، ومن يقدم الإرشاد لكي لا أستمع إليه، واسأل مجرباً ولا تسأل طبيباً خالياً من أي تجربة يجد في القرية العالمية بضائع عادية لكنها غالية، ويجد في المولات بضائع غالية لكنها عادية، وتعال اقرأ معي الحكاية:

اجتمعت عائلة – النوبي – في الذكري السابعة لوفاته وقرروا زيارته بمقبرة شهداء الأسهم، وأمام القبر قالت زوجته الرابعة «الله يرحمه، عاش ضايع بين القمم والقيعان»، فرد عليها صلبوخ، ابنه من زوجته السادسة «أبوي ياله هبوط يوم كان الترند هابط، حتى في المستشفى سحبوا مخه بإبره، لكنه وصاني كل جمعة أزوره وأقرى عليه أسعار الأسهم»، بكت زوجته الأولى وتمخطت في ثوبها وأخذت تصب الشاي وتوزع سجائر.

أخذ الكل يقرأ الفاتحة في سره، قال شقيق المرحوم وهو يأكل ويتجشأ في سرور: «أخوي باع بيته وسكن في الشارع عند الإشارة، وبالصدفة مر عليه فاعل خير وطلب يشتري منه الإشارة علشان يستثمرها ويرجعها له مرة ثانية»، ثم اعتدل في جلسته وأكمل: «المسكين كان عنده أمل يناطح الهوامير، بس الحمد لله ربطناه في البيت، وين وصلنا بموضوع الشفافية؟!»، رد عليه صلبوخ في لحظة صراحة وورع: «صبوا الماي ع الباجلا»، ثم تابع عاوجاً رأسه نحو عمه: «أبوي اشترى الأسهم بكل روح رياضية في القمة وباعها برخص التراب في القاع»! ثم أخذ رشفة من فنجان الشاي وأكمل: «أصلاً ما بقى عند المرحوم غير سهم واحد بس»! لكزه عمه بكوعه واقترب منه هامساً في أذنه: «شوف كيف تسوي الأسهم في الناس، سهم أي شركة بقى عنده؟!»، أجاب صلبوخ وعضلات وجهه ترتعش: «بقي عنده سهم المحبة»!

samy_alain@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر