السموحة

افتش عن معلق عربي....!!

أحمد أبو الشايب

أقوم بتقليب جميع محطات التلفزيون العربية «الجزيرة الرياضية والجزيرة الرياضية والجزيرة الرياضية....»، بحثاً في البطولات الأوروبية عن معلق عربي مهني ومحايد، يعطيني المعلومات ويقدم لي إضافة جديدة، ويساعدني على الاستمتاع بمشاهدة المباراة لحظة الحاجة إليه، لكني في كل مرة لا أجد له اثراً.

مهنة التعليق الرياضي على مباريات كرة القدم، يبدو أن مفهومها يختلف لدينا في الدول العربية، فهي عبارة عن صراخ وحماس وثرثرة لا معنى لها، هدفها فقط ملء الوقت، ومشاهيرها هم الأكثر قدرة على استفزاز الآخرين، والقادرون على المبالغة في الوصف لحدود الجنون والتشتيت، وهي ايضاً مهنة انحدرت في هذا الزمن وأصبحت سطحية، مثلما يحدث في مجالات أخرى، وعلى سبيل المثال مجال الفن والغناء الذي طوى صفحة العمالقة وبات كل من «هب ودب» يمسك «الميكروفون» ويغني، وفي الوقت نفسه لكل منهم جماهيره التي تسمعه وتطرب لصوته، وليس بالضرورة من هم الجماهير، وما هي خلفياتهم ومستوياتهم الفكرية وكم أعمارهم، المهم أن «فلاناً» له جمهور وينتظره المعجبون، ويتفوق على كل منافسيه في هذا المجال.

وللأسف، ممتهنو «التعليق الرياضي» يأتي أغلبهم من باب الموهبة، وهذا ليس عيباً بل ميزة لهم، لكنهم يبقون خامات غير قابلة للتطور، ويرفضون صقل أنفسهم والاعتراف بالآخرين ممن سبقوهم في المهنة ويغلقون على أنفسهم باب الاستفادة من خبرة القدامى في هذا المجال، وبعضهم يصيبه الغرور لمجرد ظهور صوته لأول مرة في التلفزيون، والقليل منهم من يجد ويجتهد ويتعب على تطوير نفسه، ويرتقي من عام الى آخر بشكل افضل ومختلف.

والتعليق الرياضي ليس مهنة عابرة يمكن لأي شخص ركوب أمواجها، بل هي مهنة محترمة بدأت في بريطانيا بمعلم يقدم المعلومات لتلاميذه المكفوفين أي «العميان»، وتطورت على مدى التاريخ، وأصبح من الصعب التخلي عنها في نقل المباريات. كما أن للمهنة اصولها وقواعدها التي تخلّى عنها الكثيرون ممن يجلسون خلف مكبرات الصوت، معتقدين ان المشاهد والمستمع لا يعلم ما يحدث، ولا يفقه شيئاً في ما يدور وراء الكواليس، لأن اغلبهم مثل المشاهد يعلّق من البيت، ولا يجلس في ارض الملعب.

ومن ابجديات المهنة، تقديم المعلومة المجردة للمشاهد بشكل يعزز من ثقافته، والتدخل في المعلومات لحظة الحاجة الى ذلك، وفي المواقف التي تتطلب شرحاً لما يحدث، كأن تخرج كرة رأسية من بين مجموعة من اللاعبين ولا يستطيع المشاهد تحديد محرز الهدف، وهنا يأتي دور المعلق، وفي الحالات التحكيمية المشتبه فيها يتم تفسيرها، والاستعانة بخبير تحكيمي محايد يعزز الثقافة الكروية لدى الجمهور.

لكن اليوم نجد المعلق ينطق المعلومات نكاية في الفريق الفلاني، ويتحدث عن الحالات التحكيمية والمواقف التي تصب في مصلحة فريقه، و«يطنش» تسللات رونالدو أو ميسي، كما يحدث في مباريات برشلونة وريال مدريد، وكأن بقية الفرق لا وجود لها في الملعب.

في إحدى المرات كنت أجلس بجوار صديق يتحدث الألمانية، لمتابعة ملعق ألماني لمباراة بين منتخب ألمانيا والولايات المتحدة في كأس العالم 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، وفوجئت بأن المعلق وجه لوماً للحكم لاحتسابه كرتاً أصفر، بدلاً من أحمر للاعب ألماني تعرض للاعب أميركي من الخلف.. واترك لكم فرصة توقع ردة الفعل تجاه الحكم، لو كان المعلق عربيا.

shayebbb@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر