الاتجاه الخامس

النوم في العسل

يعقوب السعدي

في الوقت الذي وصلت فيه الإمارات إلى الرقم واحد على صعيد التعامل التكنولوجي، إذ يمكن لأي مواطن ومقيم على أرض الوطن أن يدفع فواتير الماء والكهرباء وأقساط المدرسة والجامعة بالهاتف، وأن يعرف رصيده في البنك قبل أن يغادر مكانه بكبسة زر، وأن يتابع حركة الأسهم والسوق وموسم التخفيضات وأماكنها وأقوى العروض منها قبل أن يرتد إليه طرفه في لحظة وقوع الحدث، وأحياناً قبل وقوعه.

ويمكن لأي منا أن يستخرج بطاقة هوية وأوراقاً ثبوتية لأولاده من دون أن يتكبد عناء الوقوف في طابور انتظار، فكل الخدمات والمعلومات والاتصالات باتت الآن إلكترونية، بفضل نهج سياسي وتنموي يأخذ بيد الوطن إلى المكانة التي تليق به وبأهله.

لكن في هذا الوقت يفاجئنا اتحاد الكرة بفشله في إرسال قرار إداري مهم يتمثل في إيقاف لاعب عن المشاركة في مباراة، امتثالاً لعقوبة اتخذتها لجنة الانضباط، وكان من المهم إبلاغ النادي الأهلي بالقرار حتى يوقف لاعبه عدنان حسين عن المشاركة أمام فريق الوحدة في دوري الخليج العربي، لكن ما حدث له العجب، ويعود بنا إلى ما قبل عام 1970، حيث عقدت لجنة الانضباط الموقرة اجتماعها يوم الخميس بدلاً من الأربعاء ـ دون سبب واضح للترحيل أو التأجيل، وهذا ليس موضوعنا ـ وانتهى الاجتماع بعد الساعة الخامسة مساءً وليس فجراً، لكن الساعة الخامسة على ما يبدو تتعامد فيها الشمس مع أفق الغروب، ومن ثم فهذه ساعة راحة وقيلولة في الاتحاد، لذا أغلق الاتحاد أبوابه قبل انتهاء الاجتماع مع ترك «بعض المقبلات وبعض المقرمشات لأعضاء اللجنة»، ثم سارع الموظفون بمغادرة المبنى، ليقضي الجميع، موظفين ومسؤولين وأعضاء، إجازة سعيدة ابتداء من عصر الخميس وحتى صباح يوم الأحد بداية الأسبوع عند الأوروبيين، فما كان من الأهلي إلا أن دفع بلاعبه في اللقاء الذي جرى الجمعة، وفاز به على الوحدة، مستنداً إلى عدم وصول ما يفيد بعقاب اللاعب أو إيقافه، وهو هنا غير ملوم.

ولم يقدم اتحاد الكرة، ولا لجنة الانضباط، ولا أمانة سر الاتحاد، ما يمكن أن يبرر هذه الغفلة، وهذا التسيب الإداري الغريب المريب، مكتفياً بإلقاء اللوم على الإعلام الذي عرف الخبر وأعلن العقوبة بعد أن صدرت واتخذت، وقبل أن يستيقظ أهل كهف الاتحاد ويقوموا، عبر وسائل الاتصالات التي لديهم، المتمثلة في الطبول والأبواق ورسائل الحمام الزاجل، بإرسال القرار الذي ربما لم يرسل حتى الآن.. وتبقى هناك أسئلة عدة حائرة بعيداً حتى عن إرسال القرار أو تسلمه، وهو: كيف تجتمع لجنة بأعضاء ورئيس في الاتحاد من دون وجود موظفين يتابعون، ومن دون وجود أمانة سر الاتحاد أو من ينوب عنها لتسهيل مهمة عمل اللجنة قبل مهمة إبلاغ واعتماد القرار. وسؤال آخر يدور حول آلية العمل في الاتحاد، وأخشى ما أخشاه أن يفاجئنا اتحاد الكرة هذه الأيام بإرسال قرار إقامة أول دوري لكرة القدم بالدولة، وهو القرار الذي صدر في عام 1974، ولم يجد الاتحاد من يومها وسيلة لإرساله إلى الأندية إلى الآن.

الموضوع لا يحتاج إلى لجنة تحقيق لبحث العقوبة وما شكلته من أزمة، فهو واضح وضوح شمس الساعة الخامسة.. الموضوع أن الاتحاد يحتاج إلى وقفة لإصلاح سير العمل الإداري فيه، ومدى قدرة الاتحاد على مواكبة تطورات العصر ووسائله الحديثة.

ما حدث في موضوع إيقاف لاعب الأهلي واجتماع لجنة وعدم إبلاغ قرارها يسمى في علم الإدارة الحديث والقديم «النوم في العسل».

yakoob.alsaadi@admedia.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر