بهدوء.. وبالقانون!

من المفيد أحياناً فتح النقاش حول قضية مجتمعية أثارت الرأي العام في فترة سابقة، والفائدة تكمن في ميزة النقاش الهادئ، والتفكير العقلاني، بعيداً عن الضغوط وكثرة الآراء، والقيل والقال، التي شكلها الرأي العام تجاه القضية في حينها، والأهم من ذلك وضع القضية في وضعها وحجمها الطبيعيين، بعد أن يتولى عامل الزمن كشف أبعادها الحقيقية.

ما أود مناقشته اليوم قضية المواطن الذي اعتدى بالضرب على آسيوي في الطريق العام، وتم تصوير الواقعة ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، لن أعيد تفاصيلها، فهي معروفة، ولن أدافع عن هذا المواطن، فأنا رفضت أسلوبه وطريقته وتصرفه آنذاك، ومازلت أرفض هذا الأسلوب في التعامل مع الناس، بغض النظر عن أعمارهم ودياناتهم وجنسياتهم.

لكن دعونا نضع القضية الآن في حجمها الطبيعي، بغض النظر عن التصوير وردود الفعل آنذاك، القضية قانوناً هي قضية مشاجرة عادية جداً، لم ينتج عنها اعتداء جسيم تسبب في عاهة مستدامة، أو كسور أو أضرار بليغة، ولم تستخدم فيها أسلحة، لا بيضاء ولا صفراء ولا حمراء، وهي بالتأكيد غير مرتبطة بإصرار وترصد، ولم تكن النية مبيتة عند المواطن للاعتداء على هذا الرجل تحديداً!

كل ما في الأمر اختلاف على الطريق العام، نتجت عنه ردة فعل غاضبة، معظمنا الى اليوم لا يعرف سببها، وهذا يعني بطبيعة الحال مشاجرة بسيطة جداً تحدث عشرات المرات وتنتهي في حينها ووقتها، وكل واحد يروح إلى حال سبيله!

ومع ذلك تصرفت الجهات المسؤولة، وأعني بها شرطة ونيابة دبي، بكل حزم ومسؤولية، فألقت القبض على المواطن وأوقفته، لكن القضية انتهت في مركز الشرطة بتنازل صاحب الشكوى، وبرضاه التام، ومن دون أية ضغوط عليه من أحد، ولو لم يحدث ذلك لاتخذت القضية مسارها الطبيعي إلى المحكمة، وصدر بحق المعتدي حكم قضائي من دون شك.

لكن هذا لم يحدث، وتالياً فإن التنازل الطوعي يعني بالضرورة أن «لا قضية»، وهنا مربط الفرس، وهذا ما أود إعادة مناقشته بهدوء ومن دون انفعال، من خلال طرح التساؤل التالي: على أي أساس ووفقاً لأي قانون أنهت جهة عمل هذا المواطن خدماته؟!

لا تحدثونا عن انفعالات، ولا ردات فعل، ولا الإضرار بسمعة الدائرة، بل حدثونا بالقانون، مشاجرة عادية جداً، لم تتحول إلى القضاء، ولم يصدر بحق المواطن حكم يضر بالشرف والأمانة، وانتهى كل شيء في مركز الشرطة، قبل أن يصل الأمر إلى النيابة العامة، فهل يستدعي ذلك إنهاء خدمات الموظف؟!

دعونا نلقِ نظرة سريعة على قانون الموارد البشرية لحكومة دبي، وعلى المادة (193) التي تقول إنه «إذا أحيل الموظف إلى القضاء، لارتكابه جريمة تتعلق بالوظيفة أو بسببها فإنه يجوز للمدير العام أو من يفوضه إيقاف الموظف عن العمل دون راتب إلى حين صدور قرار قضائي قطعي»، وبعد صدور القرار حدد القانون أربع نقاط مهمة جداً على الدائرة القيام بها، وهنا أدعو من اتخذ القرار في تلك الدائرة إلى أن يطلع على هذه النقاط الأربع، فهي لا تقبل التأويل والتأليف، مع الأخذ في الحسبان أنها تتحدث عن قرار قضائي قطعي، وهو غير موجود في قضية المواطن!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami


لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة