‬5 دقائق

رمضان يقول لا والتلفزيون يقول نعم!

سامي الخليفي

احتار الناس في أمري، وتساءلوا عن سري: هل كانت رضاعتي طبيعية ولا صناعية! أمي تقول طبيعية وخلابة يا ولدي، وخالتي تحلف: نيدو ومغشوش يا عيني، بينما جارتنا تسأل والحزن بعينيها: هو رمضان شـهر عبادة، ولا «شهر زاد» ومرعى وقلة صنعة!

وكل أيامي متشابهة، وكأن بينها ورقة كربون، أصحى الصبح وأنفض وجهي، وأعذب الخادمة حتى الاستقلال التام أو الموت الزؤام (حق العامل)، وأرفض الحديث إلا بوجود محامٍ (حقوق إنسان)، وأخرج لتوصيل الأولاد إلى أقرب متحرش (حق الأسرة)، ثم أذهب إلى عملي وأبقى متجهماً على الدوام وقرفان باستمرار (حق الموظف)، ولأن مديري الأقسام أكثر من الموظفين تجدني مع تكتل التجار في محاربة رخص الأسعار، وضد الكذب في رمضان لأنه حرام، مع أنه طوال العام أيضاً حرام.

ورمضان جانا أهلاً رمضان، وأنا على أهبة الاستعداد لاستقباله على أبواب الجمعيات وشاشات التلفزيون، وأنت المخ وأنا العضلات الملساء، وصديقي الديزل يعاني «فوبيا الحقوق»، حيث صرخ البارحة وهو على أعتاب جمعية الرفق بالآخرين «عندنا مباريات تكفينا خمسين سنة، وبترول ميتين عام، ومسلسلات إلى قيام الساعة (تحديداً قبل قيامها بيومين)».

ونلتقي يومين والفرقا شهر، ومن يقرأ خريطة المجتمع النفسية في رمضان وبدون نظارات سيعلم بأن المهندسين تدربوا علينا، والمقاولين تعلموا فينا، ورضينا بالهم والهم مش راضي بينا، وتزرعها بطاطس في الفرن تطلعلك فقوس على الصينية (حق تقرير المصير)، وتحية لآخر الأزواج المحترمين الذي لا ينكر الدور الاجتماعي للمسلسلات في بعثرة أموالنا وانحراف أولادنا، أكبادنا التي تمشي على الأرض، فما لهم لا يرجون لله وقارا!

وما يملأ عين ابن آدم إلا الدموع والممثلات، لهذا استعدت زوجتي بمجموعة فساتين للشهر الكريم (حقوق المرأة)، وأصبح دوري كأي زوج محترف يخاف على فلوسه، الدعاء مع بداية أي مسلسل جديد: يا رب البطلة تموت من أول حلقة! فشكراً لدائرة المعارف البريطانية التي أكدت أن الاسكندر مات قبل ظهور عصر التمثيل بآلاف الكيلومترات، فلو عملنا دراسة جدوى لكل ما مر علينا من مسلسلات لخرجنا بإلياذة ساخرة تُخلد ذكرها على مر التاريخ مثل «هوميروس» وحتى لا يطير الدخان أرجو أن تقرأ معي هذا السيناريو لمسلسل محلي بنكهة الفانيلا سيعرض في الشهر الفضيل: «يتزوج مشعل من دلال وفيصل من موضي، وبعد إلحاح الجمهور وتوسلات النساء يطلّق مشعل دلال ويتزوج من فيصل، فتصاب موضي بالمعايير، وتنقل إلى أقرب كازينو، وتحقن ببرنامج مكافح فيروسات وتقرر الانتقام، فتضع قطرة عين منتهية الصلاحية في عين فيصل فيموت والحناء لم تنشف بعد في يديه، فيقسم مشعل على ميثاق الأمم المتحدة بالانتقام، ويقرر المؤلف الثأر وتمديد الحلقات»..

أشوفك على خير.

samy_alain@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر