‬5 دقائق

زوج في زمن ديجيتال

سامي الخليفي

الأحد: مصيبة كارثة، قررت خادمتنا الأثيرة العودة إلى بلدها، سالت الدموع على صدري لأن النتيجة مؤكدة «الضياع ولا شيء سوى الضياع»، لا أكل زي الناس، ولا نظافة زي الناس، ولا ناس زي الناس، التخمة قتلت في أهل المنزل السرعة والحيوية وحلاوة الأداء، زوجتي موظفة تعرف كل شيء عدا واجباتها المنزلية، ابنتي الكبرى تكوينها الجامعي لا يسمح لها بالولوج إلى «الكتشن»، البنت الوسطى حرارتها مرتفعة وتعاني حمى شراء الموبايلات، أختها الصغرى زهقانة بالفطرة، أما الأولاد فلا يتورعون عن أي شيء في سبيل التهرب من العمل والمسؤولية.. رحمتك يا رب.

الاثنين: بدأنا المهمة القومية للبحث عن خادمة جديدة، الأسعار لا تطاق، المطلوب ‬8000 درهم من غير الفحوص الطبية وبطاقة الهوية، تكسرت إرادتي وتهاوت مقاومتي، لا مجال للاعتراض أو الامتعاض أو حتى الشرب من ماء البحر، المستهلك ضعيف وسلاحه البكاء والشكوى، مكاتب جلب الخدم لديها نظرية وحيدة لم ولن تتغير، تسمى نظرية «أنت المحتاج»، هنيئاً لنجوم البيزنس هذا النهر من الفلوس الذي لا يجف.. خلها على الله بس.

الثلاثاء: دوري اليوم في غسل الأطباق، المدام والأبناء يتابعون التلفزيون.

الأربعاء: فتحت الراديو واستمعت إلى شكاوى البث المباشر، كالعادة، لا تشغل نفسك أو تقلب عليها المواجع.

الخميس: النكد ورانا ورانا، رادار جديد على طريق العين أبوظبي.

الجمعة: غفوة خفيفة أثناء خطبة الجمعة، الموضوعات مكررة وتعطي الفرصة دائماً لتسلل النعاس، انتهت الخطبة بعد أن فقد معظم المصلين التواصل معها، في المنزل حصل عطل بشبكة الإنترنت، جلست مع أبنائي وتعرفت إليهم بعدما نسيت أساميهم، وطلعنا نتعشى وذهبنا للسينما وحضرنا فيلم «سلوى والحب بلوى»، بطل الفيلم يؤكد أن الحب شيء تافه وهو موضة العصر، نجاح الفيلم أعطى فكرة للمخرج لتحويله إلى مسلسل يعرض في رمضان.. سترك يا رب.

السبت: مازلنا نتباحث في مواصفات الخادمة، المدام تشترط أن تكون نموذجية في تصرفاتها لكي تتأكد من أننا في الأمام وليس في الخلف - خلف الله على الأيام الخوالي - وأنا أتمناها محتشمة جداً، وأمينة جداً، ونشيطة جداً، يعني هي دوماً جداً، الولد يفضلها فاتنة صهباء من النوع الذي يحدث دربكة في الشارع، جارنا سعيد (أكبر متحرش في التاريخ) منية النفس بالنسبة له، أو كما جاء على لسانه اللبق: أن تكون طويلة ومحبة للصداقة وتبادل الطوابع، بعد ترشيحات وتزكيات وقع الاختيار على خادمة من بلد تركب الأفيال، الوصول بعد شهرين، النصب من أرمق المهن وأكثرها دخلاً، يبقى الحال على ما هو عليه، ليت للغرام حاكماً، والله لشتكي.

samy_alain@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر