الاتجاه الخامس
«الانتخابات 1».. الفضيحة!!
إبان حكم «طالبان» لأفغانستان، وضع قانون ينص على إغلاق النوافذ السفلية للبيوت تماماً وحجب النوافذ العليا بستائر لا تقل عن ست أقدام، ولنا أن نتخيل بيتاً بهذا الشكل، إنه أقرب للسجن منه للسكنى، وفي الوقت نفسه بالرمز أو الحقيقة كان هذا عزلاً للحضارة والتقدم عن الناس، وعزلاً تاماً لمن بالداخل عما يدور في الخارج من حياة تموج بالكثير من الحقائق والمتغيرات.. هكذا تماماً بدا الموقف في حملة يوسف السركال للترشح لمنصب نائب رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم التي انتهت بهذه النهاية المفجعة لنا جميعاً، وهذا السقوط المدوي للرجل الذى يترأس اتحاد كرة الامارات، ويشغل في الوقت نفسه منصب نائب رئيس الاتحاد الآسيوي، ونائب رئيس اتحاد دول غرب آسيا، ونائب رئيس اللجنة الاولمبية الإماراتية، وكل هذه المناصب الكبرى وما تحمله من قيمة معنوية ومادية، ثم عند المحك والاختبار الحقيقي حصل على خمسة أصوات كان يمكن لأي منا ودون أن يكون لديه أي مناصب أن يحقق ضعفها حتى دون دعاية أو اتصالات، فكان يكفي لأي منا أن يقول إنه من الإمارات ليفوز، لكن حتى هذه القيمة لم يستفد منها السركال، فجاءت النتيجة كما رأينا فجر الخميس الماضي.
المركز «الأخير» بين ثلاثة مرشحين، حيث حصل الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة رئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم على 33 صوتاً، وحصل رئيس الاتحاد التايلاندي لكرة القدم واراوي ماكودي على سبعة أصوات.
لقد ظهر أن حملة يوسف السركال وخطته الانتخابية الوهمية بهذه النتيجة كانت تسكن أحد هذه البيوت الطلبانية من حيث العزلة والابتعاد عن الواقع، ووضح أن أحداً من أعضاء الحملة ورئيسها لم يكن يدري ماذا يحدث في الخارج، وما هي الدول التي معنا والتي ليست معنا، بل إن الكثير من أعضاء الحملة وجدوا أنفسهم في ماليزيا كمن يشاهد المحيط لأول مرة وهو لا يعرف السباحة، ولا يعرف الناس ولا أسماء الدول، بل ان بعض أعضاء هذه الحملة تجاوزه الزمن ولايزال يعيش في الماضي قبل عشرات السنين وستائر «طلبان» تغطيه، أو كما قال شكسبير «حبسوا أنفسهم داخل قشرة جوز وحسبوا انهم يعيشون في الآفاق الرحيبة»، وهذه الآفاق الرحيبة داخل قشرة الجوز أفرزت لنا في النهاية خمسة أصوات، لكن اللوم لا يقع على أعضاء اللجنة بقدر ما يقع على السركال الذي اختار، وقرر، بل إنه أكد لهم أنه فائز، وحضورهم معه من أجل الاحتفال.
دعونا نؤكد أن الفوز أو الخسارة في الرياضة وفي الانتخابات، بل وفي الكثير من مواقف الحياة، أمر مشروع، فقانون الرياضة العادل يقول إنه لا فوز دائماً ولا خسارة مستمرة، لكن هذه المبادئ الرياضية نفسها وركنها الاساسي تشترط أن تكون المنافسة متكافئة، وأن يكون الطرفان على القدر نفسه من العزم والقدرة والقوة والسعي، فإذا ما خسرت تصبح الخسارة ساعتها شرفاً.
لكن خسارة أو هزيمة أو سقوط السركال لم يكن فيه أي من هذه الامور، وعاش فريق الحملة ورئيسها في معزل تام عن واقع القارة الآسيوية وما حدث فيها من تغيرات، ورغم ما حصل عليه السركال من دعم مادي ومعنوي كبير كان يكفي لمعادلة الكفة التصويتية، أو لنقل زيادة عدد الأصوات التي حصل عليها، كانت الخسارة بهذا الشكل.
لا يعتقد أحد ان خيانات قد حدثت في الساعات الأخيرة كما قيل او أن أصواتا كانت معنا تحولت في آخر يوم للطرف الآخر، كل هذه مقولات لا صحة لها على الإطلاق، فقد رأت الجمعية العمومية للاتحاد الآسيوي لكرة القدم أن مرشحنا غير جاد وأنه لم يقدم لها خطة أو برنامجاً يساعده على تحقيقه، ولم يقدم لها تطمينات او ضمانات أو مكاسب واستفادات، فتركته لأنه ليس المناسب لها.
عامان منذ أن أعلن السركال أنه سيخوض الانتخابات، وفي عامين كان حاصل الضرب والسفر والدعم والدعاية والبرامج والتصريحات خمسة أصوات، لقد خدعنا السركال جميعاً بتصريحاته المستمرة أنه قادر وأنه فائز وان أصوات القارة في جيبه، وأن المقعد في يده، وساعة الحقيقة لم نجد خلف هذه التصريحات الا الخيبة والخسارة المفزعة التي لا تناسب أبداً اسم اتحاد الإمارات لكرة القدم، ولن أقول أبداً الإمارات، فالإمارات اكبر بكثير مما حدث، لذا لابد وبعد ما حدث من خسارة بهذا الشكل أن يجرى تحقيق شامل شفاف يعلن للجميع، نعرف منه لماذا خسر السركال وكيف أدار حملته «الخائبة»، وعلى أي أساس ضمت هذه الأسماء، وأين صرفت أموال دعم الحملة، ولماذا هذا التحقيق مطلوب وبشدة، حتى لا يتكرر الأمر ونفاجأ في انتخابات مقبلة بمثل هذه الخسارة، ويصاب الناس بهذا الإحباط.
ما حدث في انتخابات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم لم يكن له مثيل في تاريخنا الرياضي كله، لذا أرى أن على السركال أن يراجع وجوده في الاتحاد الآسيوي نائباً، وفي اتحاد غرب آسيا نائباً، لأنه ليس من المقبول أن داعميك خمسة وتظل جالساً على صدورهم غير مقتنعين بوجودك، ولا يلومني أحد إذا استخدمت عنوان «الفضيحة» على هذا المقال، فإن ما حدث ليس له وصف غير ذلك، ومن عاش ما جرى في ماليزيا سيعرف إلى أي مدى كانت الخسارة موجعة، والابتسامات جارحة، والإشارات مؤلمة.
yakoob.alsaadi@admedia.ae
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .