‬5 دقائق

أين المفر!

سامي الخليفي

لحظة وقوع الزلزال كدت أقع مغشياً من فرط الخوف، لكن «حلاوة الروح» جعلتني أتذكر شعاري في الحياة «الشردة نص المرجلة»، فنزلت من العمارة وتركت زوجتي وأبناءها رهن تصاريف السماء، وتقابلت على سلم الطوارئ مع سائق الوزير الذي يعامله جميع السكان معاملة الوزير، فتجمعنا أسفل العمارة في مسيرة يقودها شاب محترم يسب ويلعن بكل روح رياضية، فهتف شاب وسيم عاد للتو من الجنادرية: الناس أصلاً محتاجة حد يهزها علشان يعيدها إلى وعيها! ثم استطرد وهو يبصق لعابه على الأرض: لا تراجع ولا استسلام، دقت ساعة العمل، وقام «اييول»!

اقترح علينا «شخص متحرش» الابتعاد عن العمران والذهاب إلى منطقة نائية يعرفها جيداً، رفض الجميع الاقتراح وأخذوا بالعَدو، واتسعت التشكيلة بانضمام مواطن عنده جواز أميركي، ومواطن إلكتروني ومحامٍ إلكتروني، وشعراء بلا حدود، ومطوع مسجد، يكرر بورع أن هزة ارتدادية قادمة بإذن الله، وحينها كان المتحرش يتنقل بين الجميع مثل طيور الزينة في همة ونشاط.

مرت المسيرة على جنازة فنزلت الشائعات للتداول فوراً بأن المرحوم من ضحايا الزلزال، فقال المطوع وهو يرمح: منها وإليها نعود، ليرد المتحرش وهو يغتصب أنفاسه: جاك الموت يا تارك الصلاة، فهتف صاحب بقالة: اللي خذ شيء من الدكان يحاسب عليه! ابتسم المحامي الإلكتروني قائلاً بعد أن قرض أظفاره لربع ساعة حتى اقترب من الكوع: الواحد منا اذا أحس بالزلزال ترك كل ما في يده ونزل للشارع، أما إذا مسك منصب فلا يتركه حتى يوصل عمر «أمنحتب الثالث»!

التصق بي المتحرش وقال بصوت كهمس الخيانة: منو أمنحتب هذا؟! أخذ أحد المعلمين يهدد بأن الامتحان سيأتي من صفحة واحدة فقط، وبينما الجميع يركض كنت أبحث في موبايلي عن مقطع جديد، فتعثرت بطرف فستان ممثلة شابة تجاوزت الستين قررت التوبة وتبرأت من جميع مسلسلاتها وحلفت بأنها كانت تمثل والمسدس مصوب إلى دماغها.

أصبح الموقف لا يحتمل، حين سأل المواطن الإلكتروني وهو ممسك بمبسم شيشة تفوح منه رائحة الفقر النبيل: وين وصل موضوع صندوق معالجة ديون المواطنين! وللسيطرة على السؤال «قبل ما نروح فيها ملح» تفاهمنا معه بلغة الحواجب، وأخذ الماراثون طريقه باتجاه مؤسسة تعمل بمنطق زيادة حصيلة الإيرادات كمؤشر وحيد للإنجاز، فقال المواطن اللي عنده جواز أميركي ويهتم كثيراً بتسريحة شعره: أنا قرأت في بحث علمي، أن رج التصريح يجعله حقيقة، نظر إليه أطولنا لساناً وباعاً بقرف وقال: يا عمي خليك في أكل عيشك.

سخن الجري أكثر ما تكون السخونة، وعلى خط النهاية تقدمت مذيعة بالشكر لكل من شارك في الماراثون، مذكرة الجميع بوجود مخالفة لمن لم يضع استكر «سالك»!

samy_alain@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر