الاتجاه الخامس
عرش آسيا
«من يحظ بالأمل والنظرة التطلعية يبقَ حتى النهاية»، هذا المعنى والفكرة، أو لنقل الفلسفة، هي التي جعلت يوسف السركال، رئيس الاتحاد الإماراتي لكرة القدم، يصرّح بنبرة واثقة، عقب فوزنا الأخير على منتخب أوزباكستان في منافسات المجموعة الخامسة لتصفيات كأس آسيا «إننا نتطلع للتربع على عرش آسيا».
لم يأت تصريح السركال لأن منتخبنا تربع على رأس مجموعته في التصفيات محققاً العلامة الكاملة بالفوز مرتين، الأولى على فيتنام والثانية على أوزباكستان، كما أنه لم يصدر لأن الفوز لعب برأس رئيس الاتحاد، فجعله يطلق هذا التصريح القوي، كما أن المؤكد أن مثل هذه العبارات لن تقدم ولن تؤخر في المعركة الانتخابية الدائرة الآن نحو كرسي رئاسة الاتحاد الآسيوي، لكن جاء هذا التصريح، وكلنا معه فيه، ونأمل تحققه نتيجة الروح التي يؤدي بها لاعبو منتخبنا، بل وكل منتخباتنا الكروية الآن، إنها روح جديدة، صنعت عبر عقود، وعلى مهل وبتأنٍ، جعلت شعار كل لاعب في المنتخب، بل وكل مواطن، هو «إماراتي وافتخر»، هذه العبارة ليست مجرد كلمات، وليست شعاراً يُرفع أو نزين به السيارات في المناسبات والاحتفالات، بل هو حقيقة تكونت وترسخت بفضل كل ما يحيط بنا في الإمارات من تطور وبناء ورعاية واهتمام ووفاء وولاء وأمن وأمان، ترسخت من إحساس كلٍ منا بقيمة تراب وطنه، وقيمة كل حبة رمل فيه.
قد يفوز المنتخب في مباراة وقد يخسر مباراة، فهذه هي عملة كرة القدم، بل والرياضة بوجه عام، فقد نحقق بطولة وقد نخفق في الفوز بها، وهذا أمر طبيعي، لكن حين يكون الأداء والحرص على الفوز لإعلاء الشعار الذي يرتديه كل لاعب، حين تكون الروح بهذه القوة، يكون الفوز متحققاً، بصرف النظر عن نتيجة المباراة، وبصرف النظر عن غياب لاعب أو حضور آخر، فروح الفريق هي الحاضرة، وهي الأساس، روح الرقم واحد التي تجعلنا نعتلي عرش الكرة الآسيوية، بعد أن اعتلينا عرش الكرة الخليجية، نتيجةً وأداءً.
في مباراة أوزباكستان الأخيرة، وبعد أن تأخر منتخبنا بهدف جودييف الذي سجله بعد 16 دقيقة فقط من بداية المباراة، لم أجد أحداً ممن كانوا معي وحولي يشكك لحظة في فوز منتخبنا بالمباراة، ورغم انتهاء الشوط الأول بهذا الهدف، ظل هذا التفاؤل، بل وهذه الثقة حاضرة قوية في الجميع، وبالفعل وفي دقيقتين فقط ظهرت الحالة الإماراتية، وانطلقت الروح الوثابة، روح الرقم واحد، ومن خلفها تخطيط واعٍ موهوب من مدرب رائع اسمه مهدي علي، ليحرز أحمد خليل هدف التعادل، ثم يعقبه علي مبخوت بتسجيل هدف الفوز، والهدفان كافيان لتحقيق النقاط والهدف من المباراة وتصدر المجموعة، وهو ما تحقق بالفعل.
لم تكن الثقة بفوز منتخبنا نتيجة غرور أو عدم فهم لطبيعة كرة القدم وتقلباتها وما قد تفعله أحياناً كثيرة على عكس المألوف، لكن الثقة جاءت من هذه الروح، ومن هذا الأداء المتفاني، وقبله من معرفة بهذا الجيل المتميز من أبناء الإمارات المخلصين.
دائماً نقول إن الوصول إلى القمة والرقم واحد قد يكون سهلاً في لحظة ما، لكن الحفاظ على هذا التصدر هو الأهم، والوصول إلى عرش الكرة الآسيوية الذي قال عنه السركال متحقق بالفعل، من خلال عناصر كثيرة تقدمها الكرة الإماراتية إلى العالم والقارة، ومنها مستوى وأداء منتخبنا، ويبقى أن نواصل العمل ولا نركن لحظة إلى ما وصلنا إليه، نحافظ على كل ما تحقق، نكبّره ونعليه، فثقتنا بمنتخبنا ليست غروراً، وليست تسرعاً، وليست لأن منتخبنا فاز وتصدر، بل للواقع الفعلي للحالة الكروية الحالية.
فوز منتخبنا الوطني الأول أمام أوزباكستان، وما سبقه في مباريات وبطولات، لم يفجر حالة الثقة والفخر والاعتزاز، بسبب هذ المباراة أو غيرها، بل هو متحقق بوضوح، وفي أكثر من مجال وميدان، إنه فوز لم يصنعه فرد واحد أو لاعب واحد، بل كلنا صنعناه، إنه فوز لم يأت مصادفة سعيدة، أو توفيقاً عارضاً، وإنما جاء حصاد سنوات، نتيجة تراكم ثقافي وفكري ووطني، أسهمت في وضعه أجيال، وصنعه أفعال وكلمات طيبة تغرس منذ أربعين عاماً، فكان الغرس راسخاً في الأرض، فروعه في السماء، يؤتي أكله كل حين بإذن ربه في كل مجال ومكان، يقول إننا في الإمارات.
yakoob.alsaadi@admedia.ae
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .