‬5 دقائق

اندوك انته!

سامي الخليفي

أي شيء في العيد أهدي إليك يا ملاكي! وبصراحة أنا أمي اسمها «فريال»، وبعيداً عن الدخول في حسابات النسب والسلالات، وفي هذا المناخ الربيعي المعتدل، الذي تسوده روح الديمقراطية، ظهر لنا اتفاق عام مهزوز يسمى «عيد الأم»، وهو بالمناسبة اكتشاف غربي يزيد في أهميته على اكتشاف المحراث في دنيا الزراعة، ففي عيدها أصبحت الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيباً ومحترماً، ويفسح الطريق للقادم من اليمين، وأصبحت الأجندة مزدحمة، عيد للشجرة، ويوم للنخلة، ويوم للبيئة، وعيد للأم، وعيد للعمال، وأسبوع للمرور، يعني من كثرة المناسبات عادي تقوم الصبح وتسأل: هو اليوم عيد شو؟

وأنا أقدس الحياة الزوجية، وعندي عيال، ونسخة ويندوز احتياطية، وبسببهم طفح بي الشيب، ووصلت إلى سن اليأس، وبدأت أمتص الكربون وأخرج الأوكسجين، والناس تتمنى المال، وأنا أتمنى يخلوني لحالي، فأنا لاأزال أتمسك بأهداب الفضيلة، مع شوية ليمون على الريق، بعد أن انفصلت التربية عن التعليم، لأسباب لم يعلن عنها، فكلما جاءتني مشكلات الأولاد بالطول جلبت لها حلولاً بالعرض (تنبيه، الكاتب يرجع للخلف)، وتمر الأيام والأسابيع وأنا أنتظر قارئاً واحداً يوحد الله يبعث لي تهنئة بمناسبة مرور عام على احتلالي هذا العمود، لكن تروح لمين وتقول يا مين.

ومن يقرأ في بطون الكتب ويفهم الحاضر، وله نظره إلى المستقبل سيكتشف أن الإنسان بطبعه ضعيف، خرج من بطن أمه ضعيفاً ثم «تفرعن»، يعني مثل شجرة الداماس، اكتشفتها البلدية وجلبتها البلدية وزرعتها البلدية، ثم تفرعنت (الشجرة مش البلدية)، فاقتلعتها، وحذّرت منها، وخسفت بأوراقها (البلدية مش الشجرة )، وتعال رقع يا مرقع، وخذها نصيحة ببلاش، اترك عنك السوالف وامش على نهج «شوف مصلحتك»، ولا تلعب كرة يد وتنسى السلة، أو تلعب غولف وتغفل الاسكواش، فصحتك عندي بالدنيا، وما إلك إلا هيفا!

في يوم محدد بذاته اختزلنا حب الأم، حتى صار هلال عيد الأم الذي نستطلعه كل عام لا تشاهده سوى فئة معينة من أهل الحظوظ، ويروى أن رجلاً دخل على أحد الملوك (المهم في شيء صار ونسيته، ولما أتذكره بتصل بك)، واليوم تجد حبة الفلافل غالية في المطاعم الشعبية، وتصل إلى حيث لا ينبغي لها أن تصل في مطاعم الأنس والفرفشة، و«اللي عاجبه الكحل يتكحل واللي مش عاجبه يشرب من البحر»، بعد إزالة الشوائب طبعاً. والسموحة منك، فأنا رايح أطبع قبلة فوق رأس أمي «فريال»، بحسب البرستيج، وبهذا أكون أديت اللي عليّ، وساعتها أقدر أموت مرتاح الضمير!

samy_alain@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر