‬5 دقائق

في ذكراك خيبة أمل!

سامي الخليفي

قبل الحكاية:

مرت ذكرى رحيل رائد من رواد الشعر الشعبي الساخر، الشاعر راشد بن طناف، كالعادة من دون أي ذكر من قنواتنا المحلية التي تتحدى الملل (نسألكم الفاتحة) أو من مؤسساتنا الثقافية التي تتحدى بعضها بعضاً (نسألكم الدعاء)، وكحاشية للمقال، أذكر أني منذ فترة، وتحديداً قبل ما يصير «هيد آند شولدرز» اثنين في واحد، أذكر أني وقفت ‬60 دقيقة حداداً على مستوى مشاركة مثقفينا في الفعاليات المحلية، وآخرها مهرجان طيران الإمارات للآداب.

 هنا الحكاية:

علمتني الحياة أن التصنع في المثالية ينمو في «تويتر» والمدن المشمسة والمنحدرات الجافة وعلى حافة الطرق، ثم يصبح مائلاً للبرودة ليلاً، والبارحة هاجت أشواق العمر كلها، فقد مر علينا مهرجان طيران الإمارات للآداب مرور السحاب على الأرض اليباب، حيث تعامل المنظمون مع المثقف المحلي بميكانيزم العولمة، فقررت بدلاً من التجول في المهرجان كأي مستشرق في أرض لا تخصه، الاعتصام والجلوس في المنزل، فحزنت حزن الأرامل، ووقفت ليلتها موقف الكبار، وتحليت بالحكمة والموعظة الحسنة ورحت أنام، فالمنظمون مارسوا عملهم كما يحلو لهم ولا يحلو لنا، فمن يتحكم في مفتاح الصوت (الفوليوم) يتحكم في الحفلة، وقد كان الوضع أشبه بالحلم أو بالكتابة على رمال الساحل.

وقديماً ذكر السير تشرشل أن انجلترا تقبل أن تتخلى عن مستعمراتها في الهند ولا تتخلى عن أدب شكسبير! وطبعاً هو لم يقصد بكلامه بناء برج لشكسبير أو مبايعته ليكون أميراً لشعراء بريطانيا، بل كان الرجل يعرف ببساطة قيمة أدب ابن بلده، في حين ذكر أبوجوهر الفلكي مؤسس علم التنجيم والاستشعار عن بُعد، أنه حين غنت أم كلثوم «أغداً ألقاك» لم تكن تقصد الراتب، وحين شدا عبدالحليم «يا ناكر المعروف» لم يكن يقصد بالطبع «ميتسو»، ومن يقرأ التاريخ من وراء ظهر زوجته سيكتشف الفرق بين الثقافة الغربية وأختها العربية، وفي المقهى أسأل أي واحد فيجاوبني ثلاثة، وفي المكتبة أسأل «الديزل» بلهفة المتعلم «شو صاير» فيجيبني بوقار العالم «شو السالفة»!

 بعد الحكاية:

إذا أردنا أن نعرف ماذا يوجد في إيطاليا، فيجب أن نعرف ماذا يوجد في البرازيل، ففي البرازيل توجد بيوت من صفيح، وملعب ماراكانا، ومثقفون من أهل البلد أدرى بشعابها، فصدقوني ما كل من تعامدت الشمس على جبهته رمسيس الثاني، ولا كل مسلوب الفؤاد جميل، وللتوافق مع الآخر ومع الحياة عندي سؤال من خارج المنهج، ضع علامة صح إذا كانت العبارة صحيحة وعلامة خطأ إذا كانت خاطئة «نجح المهرجان في استقطاب المثقف المحلي والعربي!»، ولا أقولك، خلينا على المشاوي والمندي وفي الأخير بيبسي دايت أحسن!

samy_alain@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر