‬5 دقائق

العقل زينة!!

سامي الخليفي

أحب الشهور إلى قلبي فبراير، لأنه ‬28 يوماً، وهي نفسها فترة حضانة الطاووس للبيض وحضانة الموظف ــ للستر ــ حتى نزول الراتب، وآسف على تغيبي الأسبوع الماضي، فعلى سبيل العبث الوظيفي رموني إلى دورة تسمى «الخروج من الجسد»، ولأن عندنا من يتكلم يصبح خبيراً ومن يسكت يصبح حكيماً، رجعت من الدورة بالحيرة نفسها التي ذهبت بها، فالمحاضر يملك دكتوراه من جامعة ولاية ــ أيوه ــ الأميركية، وهو عميد طب سابق، ونقيب أطباء أسبق، ومدير مستشفى خاص وحكم ساحة عام، وفي أوقات فراغه يبيع العسل عند المطبات، وطوال الدورة يصرخ مراراً وتكراراً (أطلق المارد الذي بداخلك، أطلق المارد الذي بداخلك)، فأطلقت اللي بالي بالك، فطردني من المعهد وهو يشكر ربه على عجائب خلقه (قم خذ علوم الرياييل من تويتر).

وبعد طردي قمت بتنظيف خزانات المياه في البيت، فكانت حصيلتنا من محطة التحلية، شوية رمل على كيلو حصى مع طحالب وخاتم وإسواره كارتير، فكنت أغطس للتنظيف وأخرج مسرعاً قبل (عودة مهند)، وللأمانة، أعترف بأن عندي خال مجنون، يعمل باللمس وعنده حشوة مؤقتة وعلامة مميزة، فهو يراجع «الشؤون» كل ستة أشهر، ليجتاز الـ«بروف تست» أو اختبار التحمل، ومع عودته نقيم احتفالنا السنوي لذكرى انحناء رئيس شركة تويوتا اليابانية معتذراً أمام الصحافيين بسبب ما قامت به شركته من سحب ملايين السيارات من الأسواق بسبب الأعطال، فمع استمرار حوادث تعطل مثبت السرعة محلياً، قامت جمعية رفيعة العماد باستدعاء بعض المركبات لوجود عيوب تصنيعية في المسّاحات الأمامية، (فيا ماسح الحزن عن وجهي وعن كُتبي، يهزني كغصون الدوحة الكبرُ).

وأذكر في طفولتي أني كنت طالباً متفوقاً مهمتي مسح السبورة، ولما كبرت خدعوني وزوجوني، فتغيرت طريقة اللعب، ولعبت رأس حربة لجلب أغراض البيت، ومازلت إلى اليوم أحب اللون الأزرق، لأنه لون البحر والسماء، ومرطب البشرة نيفيا، وربع ساعة نوم في الدوام بمقام ليلة كاملة في الفندق، وموضوع مصحيني من عز نومي (ليش يطلب منك موظف الجوازات إحضار صورة خلاصة القيد عند تجديد جواز السفر، مع العلم بأن الخلاصة تصدر من المكان نفسه!).

وبينما تستمر في قراءة المقال، يستمر الروبوت «كوريوسيتي» يحفر ويسرح ويمرح ويرسل ويستقبل فوق سطح المريخ، (حسرة علينا يا حسرة علينا)، بينما في بلاد العُرب أوطاني توقف الإبداع منذ أن اخترعنا الصفر، واتجهنا للشعر بنوعيه الحميد والخبيث، فانكمش الابتكار وشاع الاحتكار، وظهرت الذبابة الملعونة لكي تزّن على وجه المثقف، ومن يعرف الدنيا كما يعرف العد على أصابع قدميه، سيدرك أن اللاعب أفضل من الكاتب، والمطرب أحسن من اللاعب، والراقصة أهم من الجميع، وطبعاً الحين حضرتك بتترك المقال كله وبتركز على موضوع خالي المجنون.

كم باقي ع الراتب!

samy_alain@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر