منكم السموحة

رونالدو وبويان.. وماجد ناصر

أحمد أبو الشايب

لم يدع الحارس ماجد ناصر مجالاً لنا لانتقاد ردة فعله تجاه من حاولوا الاعتداء عليه من جمهور الوصل، خلال مباراة الديربي المثيرة في النتيجة والتفاصيل، لأنه للأمانة أظهر هدوء أعصاب وحسن تصرف، حتى إنني تعاطفت معه عندما شاهدته في لقطات تلفزيونية وهو يرفع يديه مستسلماً أمام أحد المشجعين، الذي غافله من الخلف، وآخر رمى الوشاح في وجهه، تعبيراً عن غضبهما من استفزاز حارس الأهلي لهما أثناء المباراة التي خسروها بالأربعة.

تصرفات المشجعين مرفوضة، ولا نحب أن نشاهدها في ملاعبنا، ولكن في الوقت نفسه ليست خارقة للعادة، ويمكن حدوثها في أي مكان وزمان إذا وجدت الأرضية الخصبة لانتشارها، التي غالباً ما تكون نتاجاً لسلوك اللاعبين في أرض الملعب.

الدراسات في مجال شغب الملاعب تؤكد أن مسؤولية اللاعبين والإداريين والمدربين، وحسن تصرفهم وثقافتهم، يمكن أن تمتص أصعب المواقف سخونة في المدرجات، وتهدئ من غضب الجمهور، وفي الوقت نفسه لديها عامل عكسي وسلبي في إثارة الجالسين حول الملعب، وإشعال فتيل أزمة من لا شيء، كما حدث في مباراة الوصل والأهلي التي بدأت من استفزاز الفهود إثر تلقي شباكهم أربعة أهداف في توقيت مؤلم للفريق الذي يعيش حالة من عدم الاستقرار، ثم «زاد الطين بلة» الحارس ماجد ناصر باحتفاله بالأهداف، ما عظّم أوجاع هذا الجمهور الوفي لفريقه، وحدثت المشكلة.

هنا لا ننتقد احتفال ماجد ناصر بالأهداف لأن هذه حرية شخصية للاعب وهو من يقررها، ويحدد طريقة علاقته بجمهور فريقه السابق أو جمهور ناديه الحالي، والشكل الذي يود الظهور به، ولنا في ذلك مثالان، الأول للاعب ريال مدريد كريستيانو رونالدو، الذي قرر عدم الاحتفال بالأهداف، إذا سجل في مرمى فريقه السابق مانشستر يونايتد، في دوري ابطال اوروبا الأخير، ثم اتجه نحو الكاميرا مؤشراً بيده بعدم رغبته في الاحتفال، كما وعد الجمهور، لتزداد شعبيته في أوساط مشجعي الشياطين الحمر، في المقابل كان لاعب برشلونة السابق، بويان، المنتقل على سبيل الإعارة إلى ميلان، مختلفاً تماماً في رأيه، وصرح علناً لوسائل إعلام بأنه إذا سجل في مرمى برشلونة سيحتفل بطريقة لم يشاهدها أحد، ولا مثيل لها، في مباراة القمة التي تجمع الفريقين بعد غد، في دوري أبطال أوروبا.

وبين هاتين الحالتين للاعبين محترفين، فقد اختار كل واحد منهما شكلاً مختلفاً عن الآخرين لما يود أن يظهر به أمام جمهور فريقه السابق، ومن يدري ما سيحدث في عالم الاحتراف «الغريب العجيب»، فربما تدور الأيام ويعود رونالدو إلى مانشستر يونايتد، ويعود بويان «المعار» إلى برشلونة، كما ليس مستبعداً أن يرجع «كابتن ماجد» الى بيته الدافئ الذي شهد ولادته الحقيقية كأفضل حارس، وصاحب الرقم واحد على صعيد المنتخب الوطني.

وما نود قوله هنا (وهي وجهة نظر شخصية) ان ماجد كان بإمكانه «اختصار الشر» وتأجيل هذه الاحتفالات التي أطلقها أمام عيون الوصلاوية، واحترام مشاعرهم بالوقوف صامتاً من دون تعبيرات واضحة، لأنه في النهاية حارس مرمى، ويمكن أن يسيطر على انفعالاته، فهو ليس مهاجماً أحرز الهدف بقدمه ولا سبيل أمامه سوى «النط والزلغطة»، لكن أنا أؤمن في النهاية بأنها حرية شخصية، شرط عدم إثارة المدرجات.

shayebbb@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر