‬5 دقائق

البحث عن أمل!

سامي الخليفي

قيل في الأثر الشعري: ذهبت هموم حرت في أسمائها وأتت هموم ما لهن أسامي، وتستمر الحياة رغم كل ما فيها من رسوم، وأعتذر عن غيابي الأسبوع الماضي لظروف جهلي بقوانين النشر أثناء هطول الأمطار، وطبعاً في حالة نفسية كهذه أدعوك إلى حفلة صغيرة بمناسبة عودة أبنائي - زينة شباب المنطقة - من معرض توظيف كُتب على بابه الرئيس، وبالبنط العريض: ادخلوه بلا أمل، فلا تحرمني من زيارتك من دون هدية، ولا تعطني سمكة أو تعلمني الصيد «بس إذا سمعت عن وظيفة شاغرة عطني رنة».

وأحببت في الدنيا ثلاثة، الكتابة وأمي والصباح، وكرهت فيها ثلاثة، لا ولا يمكن ولن، ومن نكد الدنيا على الأب أن يكون لديه أبناء عاطلون، وفي كل معرض للوظائف يجاهد أبنائي جهاد الفاتحين لتسليم الـ«سي فود»، أقصد الـ«سي في»، ثم يعودون بقرطاسية بها من الأقلام والميداليات والكابات والدفاتر ما يكفي لفتح مكتبة، ويحل عليهم الترقب على أمل تلقي اتصال ذات مساء كاذب يبشرهم بدخول جنة الوظيفة، على الرغم من أنني حاولت إقناعهم بمقولة أديب الفلاسفة وفيلسوف الأدباء، جان جاك روسو، بأن الإنسان يولد حراً، فإذا مشى في الأرض أثقلته أغلال الوظيفة، إلا أنهم لم يقتنعوا، فشكر الله سعيهم، ولا أراكم الله مكروهاً في عاطل لديكم، ومما يقارب حد الخيال غير العلمي في موضوع الوظائف هو أن القطاع الخاص جرت وتجري فيه محاولات نشطة، وعلى عينك يا تاجر، وبلا أدنى حمرة للخجل، لإخراج الشباب المواطن من المولد بلا حمص، وفي رواية «حمبص»، ومع هذا تظل الجهود مبذولة، لإبقائهم في اللعبة، كما يقول الغربيون.. «بتكمل المقال ولا بتأخذ بالباقي كبريت»!

وما أجمل الأحلام وما أصعب صدمة الواقع، خصوصاً في الجانب الأيمن للسيارة، فحين تظل الأحلام أحلاماً والطيور طيوراً وعلى أشكالها تقع، ويرتمي العاطل في أحضان اليأس، وتبقى أوراقه بيد المؤهلات العليا، يظهر حينها فريقان قوميان، جماعة «الأمور طيبة»، وهم تلاميذ مدرسة فرويد، وتلاميذ مدرسة أدلر، أصحاب مقولة «خلها على الله بس»، وأستاذنا العظيم أرسطو يقول: الدهشة هي بداية المعرفة، والدهشة تجدها في مؤسسات وشركات تشارك في المعارض، ثم تطلب من الباحث عن أمل تقديم سيرته الذاتية عبر موقعها الإلكتروني، فهل أستطيع القول فوق ما قد قيل ويقال وسيقال، خصوصاً بعد أن اهتم العاطلون، وسرعان ما فقدوا اهتمامهم، بمعارض تصدير الإحباط، فأصبحوا بسببها يغردون على أغصان البطالة، وإذا سألت عن الحل، فالجواب عندي وأنا بوهندي، غالي والطلب رخيص، «خذلك حبة شفافية على الريق، وحبتين أثناء النوم».

جرب وادعيلي!

samy_alain@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر