‬5 دقائق

الكاس يلمع والعين تدمع

سامي الخليفي

الحمد لله، أنا منفوخ تحليلات ومليان تصريحات، وأرغب في النوم خفيف، وقبل أن أنام أعلن للملأ اعتزالي اللعب الدولي، بعد أن اكتشف الفيفا أني أتعاطى منشطات تجعلني حريصاً على متابعة المباريات أكثر من متابعة أبنائي، فجاء القرار بمنعي من الترشح للانتخابات وإلغاء مباراة اعتزالي على أن تعاد بلا جمهور!! علامات التعجب هذه من عندي.

والكاس يلمع والعين تدمع، وفي ليلة المباراة النهائية للمنتخب تحلقت في اجتماع أزمة بمقهى باسكو مع مجموعة من جنرالات المقاهي وثلة من رجالات الشيشة، حيث احتفلنا بالنصر حين لاحت بشائره على طريقة الثوار الفرنسيين، استسلمت بعدها كنجم الروك المتعب المحمول على الأكف، وقذفت بنفسي الى البيت لأشارك الأثاث البالي أحلامي وأتابع التراشقات الإعلامية، وكانت ليلة شكلها كحلي غامق، واللي خايف يروّح، خايف روّح!!

ويقول بوصالح - وبوصالح صادق - الروس نامت والعصاعص قامت، فخلال الأسبوعين الماضيين مارست الصحف الخليجية حرية الصحافة على المنتخب، فصارت صفحاتها صفراء فاقع لونها، وجاء هجومها عن طريق الظهير الأيمن، حيث تصدرت بعناوين يشيب لهول غرابتها النسناس، وشتان طبعاً بين الجدل بالتي هي أحسن وبين التي هي أخشن، أما البرامج الحوارية التي ستندثر بمرور الزمن مع ما فيها من محللين عملوا في جميع القنوات الفضائية، وباقي لهم القنوات الهضمية، وبذلوا فيها جهوداً لو أنهم بذلوها في عمل حقيقي لغيروا وجه العالم، فحدث عنها ولا حرج - وكلمة معك وكلمة معي تضحك تعانق مسمعي - فمع مشايخ التحليل ستجد أن كل واحد منهم مسوي فيها «ويكليكس» على غفلة، والغريب أن الكل يدعي أن هناك خللاً في ثقافة الحوار - واجري يا مشكاح للي قاعد مرتاح - فالكل قادر على أن يسمع ويتكلم في الوقت نفسه، والسؤال اللي يطرح نفسه والناتج صفر دائماً، هو: إذا كانت الدنيا مسرحاً، فأين يجلس المتفرجون!!

وسجل يا زمن واكتب يا تاريخ، ومن الجروح ما قتل، ومنها ما يزيدك قوة، وصحيح أن الكورة اليوم ما تأكل خبز، لكنها تأكل كافيار، وصحيح المسامح كريم، لكنه ليس مغفلاً، وصحيح أن خير الناس أعذرهم للناس، وأن اختلاف الاستراتيجيات لا يفسد للمعايير قضية، إلا أن المطلوب منا جميعاً ضبط النفس -على رأي الدولة العظمى - خصوصاً مع النجم الشاب الذي أكد للجميع أن موهبته ذات أضلاع، ولم يلبث أن أصبح مادة مقررة في التلفزيون، وأخذ الرواة يرددون سيرته على الربابة، ورغم الزهايمر إلا أنني أتمنى أن تبتعد قوافل المراسلين عنه حتى لا يحولوه إلى هرقل، فإذا كان الإعلام يؤدي إلى خير في المدي القريب فهو يؤدي إلى كوارث مع أي لاعب صغير السن على المدى البعيد، وهذا هو بالذات تصوري للموقف.

مبروك الكاس، خشمك.

samy_alain@hotmail.com  

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر