صناعة التعليم
جيل الـ «آي باد» (1)
هناك ثلاثة أجيال في عصرنا الحديث تأثرت بتطور التكنولوجيا والمعلومات، ولها بصماتها الواضحة في التعليم، هي: جيل التلفزيون، جيل الانترنت، وجيل «الآي باد». فيمكن وصف التعليم للجيل الأول بجيل التلفزيون، الذي بدأ مع دخول أجهزة التلفزيون للأسواق عام 1952، حيث كان هذا الجيل يعتمد على المطبوعات الورقية في مناهجه، مع وجود محاولات لأرشفة بعض الكتب والمجلات العلمية، من خلال استخدام الميكروفيلم واستخدام الحاسوب، وكان هذا الجيل يتلقى المعرفة من المصادر التقليدية والمحدودة وهي الكتاب المطبوع والمعلم، أما الجيل الثاني «جيل الانترنت»، فقد بدأ مع تدشين الانترنت عام 1992،
إن إعادة صياغة صناعة التعليم لهذا الجيل (جيل الآي باد)، أصبحت ضرورة ملحة، تتطلب نظاما تعليميا مختلفاً نوعيا عن النظام السابق، بحيث يكون التعليم فيه ملامسا لقدرات هذا الجيل ومهاراته وطرق تفكيره، فيكون له أكثر إثارة ومتعة وإبداعًا، من هنا يمكن ترجمة صناعة التعليم إلى سلسلة من المبادرات والبرامج الإصلاحية التي لو وضعت حيز التنفيذ في الميدان التربوي لكان لها الأثر البالغ والمباشر في تطوير العملية التعليمية ومخرجاتها. هذه السلسلة من المبادرات والبرامج تأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تتميز بها دولة الإمارات العربية المتحدة، كما تتميز بتجنبها الوسائل النمطية والطرح التقليدي في علاج مشكلات التعليم، إضافة إلى طرح آليات واضحة للتنفيذ، تنبثق من رؤى واقعية لا تتطلب بالضرورة ميزانيات إضافية بل تقوم على إعادة تنظيم الموارد البشرية والمالية المخصصة والمعتمدة لوزارة التربية والتعليم، وسنبدأ سلسلة المقالات باستعراض مبادرة جيل «الآي باد»: |
ومن ثم فقد كان أكثر تفاعلية مع الحواسيب والبرمجيات ذات الوسائط المتعددة للوصول الى المعلومات وتحرير المقالات والكتب وبعض برمجيات التعلم، ثم يأتي جيل «الآي باد»، الذي تزامن مع بداية عصر الهواتف الذكية عام 2007، وهو الجيل الأكثر تأثرًا وتفاعلاً مع التكنولوجيا الحديثة على الإطلاق ولديه قدرات عقلية قد تختلف عن الأجيال السابقة. من هنا، فإنّ إعادة صياغة نمط التعليم ليتواكب مع الطفرة التي حدثت في طريقة تفكير العقل البشري لهذا الجيل(جيل الآي باد)، أصبحت من أهم التحديات التي تجابه المجتمعات في مجال التعليم، فقد أيقنّا أن التعليم التقليدي لا يتناسب مع الأجيال القادمة، وطرق التدريس التقليدية أصبحت غير مجدية، وغير جاذبة لاهتمام هذا الجيل؛ لأنها لا تتوافق مع رغبة الطالب في التعلّم، وبالتالي لا تثير شغفه نحو التعلم، لذا فإنه من الضروري الاقتناع والاعتراف بأن دمج التكنولوجيا التفاعلية في العملية التعليمية من خلال التعليم الإلكتروني التفاعلي، أصبح ضرورة عصرية، ما يستلزم العمل الجادّ على جعل التكنولوجيا عنصرًا أساسياً في العملية التعليمية، وليس امتيازًا أو ترفًا أو اختيارًا، من خلال إضافة الإثارة والتشويق والفضول إلى عناصر البيئة التعليمية من مواد المنهاج الدراسي، والفصول الدراسية، ووسائل التواصل الفعالة بين المعلم والمتعلم بحيث تلبي الاحتياجات الفريدة والخاصة لكل طالب، ويجب ألا نغفل هنا ضرورة ابتكار طرق تدريسية تتوافق مع عناصر التعليم الإلكتروني، وتدريب المعلمين عليها للحصول على الفائدة القصوى المرجوة من التعليم الإلكتروني. لذلك، فإن مبادرة «التعلم الذكي»، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، جاءت لأجل العمل على دعم دور وزارة التربية والتعليم في بناء منظومة متكاملة من التعليم الإلكتروني التفاعلي، ومن ثم فإن تطبيق هذه المبادرة المتقدمة بشكل فعال، سيعالج الفجوة القائمة بين الدراسة النظرية من علوم ومعارف، وبين الجانب التطبيقي في الحياة العملية والبعد عن جمود العملية التعليمية التي تعتمد على الأساليب التقليدية في التدريس دون مراعاة شخصية الجيل الجديد الذي عاصر الثورة المعلوماتية وتطور الانترنت، وهذا بالتالي سيعالج أهم الأسباب التي تدفع الشباب نحو العزوف عن التعليم خصوصا المسار العلمي، وبالتالي ضمان إقبال المزيد من شباب الوطن على هذا المسار الذي سيسهم بشكل مباشر في صناعة أجيال إماراتية متخصصة في مختلف المجالات الهندسية والتكنولوجيا المطلوبة في عالم التقنيات الحديثة والاقتصاد المعرفي.
Abdullatif.alshamsi@gmail.com