‬5 دقائق

البيوت أسرار

سامي الخليفي

ليلة امبارح مجانيش نوم (سيد مكاوي)، والسبب قرار السفارة الفلبينية رفع رواتب من يسمون بالخدم أو الشغالات أو العمالة المنزلية أو ... (اختر ما يناسبك)، حيث جاء الخبر مليئاً بالسعرات الحرارية وكان رافعاً ممتازاً لنسبة الكوليسترول في الدم، فالأساس عند البعض أن المواطن طيب وابن حلال وعلى نياته وخيره لغيره، وعادي بيدفع.

وفي هذه الأجواء الرائعة إذا حالفك الحظ وذهبت للسوق على أنغام الأغنية العراقية «مالي شغل بالسوق مريت أشوفك»، لن تخطئ عيناك الزحام الشديد أمام مكاتب جلب الخدم، فحين تهمل الزوجة المطبخ تسكن فيه العناكب، وحين تهمل البيت تسكن فيه الشغالات، ومشكلة علم الأجناس أنه وضع في صفات الفتاة الحديثة أنها تتعب بسرعة ولا تحب دخول المطبخ، وتفضل دخول «المول»، والبنت عندي إذا حدث ودخلت المطبخ وفتحت علبة تونة فكأنها فتحت عكا، فأرجوك اطلب اللي تباه قبل لا أجلس، فقد أصبح أعلى ما في خيلي البحث عن أي خادمة طيبة وتشتغل بالسحر، ولديها خبرة بالسجون وتهرب مع أي واحد عنده سيكل «وأبكي على ما جرى لي يا هلي» ففي مجتمع يهيم بالاسترخاء ويحب الندماء ويتفرغ لمشاهدة التلفزيون، أصبح عدد العمالة المنزلية فيه أكثر مما تنتج بوليفيا من موز (راجع الإحصاءات) وتحول المنزل من مملكة للزوجة إلى مركز إشعاع للشغالة، وانتشر غرام الأفاعي، وظهرت السرقات وتغير الشعار الشهير في علم الجريمة «فتش عن المرأة» إلى «فتش عن الشغالة»، واستمر مسلسل الهروب وظهر فيلم الخادمة القاتلة، وأصبح الدخول لمشاهدته بأسبقية الحجز مع ارتداء الشورت، ويفضل اصطحاب الأطفال، وكلما قلت متى ميعادنا ضحكت هند وقالت بعد غد، كلمات عمر بن أبي ربيعة، لحن وغناء ميحد حمد. وأنا كلما جبت شغالة يطلع أبوها ككل الآباء في الأفلام العربية مريض، وأمها كأغلب أفلام «كريمة مختار» غير قادرة على العمل، وبعد فترة تهرب وبعد أن أنجح في اجتياز روتين التعميم أبدأ في السؤال: قل لي أي المخلوقات يبتسم غير الإنسان أقل لك من أنت! وصحيح أن الخادمات أنواع (انظر دليل المستخدم)، إلا أن هذا لم يمنع أحد متعاطي الفلسفة من القول إنه ليس علينا أن نلوم أحداً، بل علينا أن نلوم أنفسنا، ومرة واحد تزاعلت زوجته مع الخدامة، حط كل وحدة في بيت! وأنا كلما تكلمت أو انتقدت قالوا تدل الباب ولا ندلك، وبصراحة أدل الباب، بس تعال «صكره وراي»!

بمناسبة دخول الشتاء، يوجد حطب للبيع!

samy_alain@hotmail.com  

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه

تويتر