‬5 دقائق

عندك سلف!

سامي الخليفي

بصراحة أنا خايف منك! خايف نصير أصحاب وبعدين تطلب مني سلف! فإن كنت ناوي تسويها فأنت تقرأ للشخص الخطأ، فأنا لا أسافر إلى سويسرا سنوياً لأراجع أرقام حساباتي، والحساب الوحيد الذي أعرفه هو حساب الوزن المثالي، وأصلاً رصيدي في الحياة لا يكفي لإتمام هذه الحياة، مع أني في العشر الأواخر من كل شهر أغلق الموبايل وأتحاشى أي واحد يبدأ كلامه معي بجملة «تعال أباك في موضوع»، فلا أخرج من البيت إلا لأدخل على النت، لكي أتحدث مع الفتاة صاحبة الصورة الجميلة فأطلب منها «سلف» فتختفي في دلال خلف شجرة الكرز، فتظهر جدتي حصرياً على شاشة الكمبيوتر لتذكرني بأن «الدراهم مراهم»، فأمسح لها جرحها بالدرهم المعدني فتطيب، فاضي ولا مشغول!

ويا ليل خبرني عن أمر المعاناة، هي من صميم الذات ولا أجنبية! ففي الفيلم المحلي المشوق «العار» المبني على أحداث حقيقية، تتلكأ بنوك وطنية في التوقيع على تسوية قروض متعثرة لعملائها المواطنين، فيظهر للمشاهد بجلاء أن هناك بنوكاً متعاونة وأخرى متهاونة وثالثة على صفيح ساخن، وتصبح المسألة بالنسبة إليه تقاس بطريقة الرئيس بوش الابن «معنا أو ضدنا»، فتشتعل التراشقات، وتنشط غدد البيانات والبيانات المضادة، فالبنوك تقول أموال معدومة، فيعود بطل الفيلم إلى الحياة بطلب من المخرج ليرد: بل مواطن معدم، فتتعلل البنوك بأن: القرار غير ملزم، فيضحك البطل ضحك الواثق الخطى الذي يمشي ملكاً ليرد: لأجل خدمة مجتمعية أفضل، وناقتي يا ناقتي! مستعجل ولا نكمل!

وتعال اجلس واربط حزام الأمان لأطير بك على جناح الذكريات، فما حدث لنا مع البنوك هو ذاته ما تنبأ وبشّر به مارد الغناء، كاظم الساهر، حين شدا «سلامتك من الآه»، فجاءه الرد سريعاً من ذات البنوك «سلامتها أم حسن»، وللكاتب الروسي بوشكين رواية جميلة، لم أقرأها، تسمى «يوجين أونجين»، مفادها أن شاباً ارستقراطياً تقع فتاة شابة في غرامه، لكنه يرفضها، وبعد أعوام عدة يراها ثانية ويقع هو في غرامها، وفي هذه المرة ترفضه هي، وللرواية مغزيان، فهو يرفضها لأنه يعلم بأن وراء كل رجل عظيم امرأة أعظم منه لكي تشعر بأنوثتها، وهي ترفضه لأنه شخص شغوف بالنساء ومحب للعطور وعليه سلفية! فاضي ولا وراك شيء!

ويمضي خريف العمر، وتطير الأحلام، ونقترب من الواقع، فإذا نظرت حولك بنظارة زميلك ستكتشف أن القناعة كانت موضة وراحت لحالها، وأن الإسراف أصبح سمة العصر، فكم من فقير يعيش كالأغنياء «لزوم الفشخرة»، وكم من غني يعيش كالفقراء «هرباً من الحسد».

وما أكثر البنوك حين تعدهم لكنهم في النائبات قليل

باين عليك مشغول، عندك سلف!

samy_alain@hotmail.com  

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر