5 دقائق

تقرير.. ماشفش حاجة!

سامي الخليفي

أعترف بأني ناقص نمو، ومتخلف عريق، وعايش في مدينة وأتمنى السكن في قرية ذكية لكي أمارس فيها رياضة الكسل اللذيذ، وأستمع لأخبار بيروت الجميلة التي تتعايش فيها الأضداد، وأسقي شجرة العائلة التي لا تثمر سوى الأسماء، ثم أحلق حواجبي وأضع عطراً برائحة مسحوق الغسيل، وأصاب بسببه بعسر الهضم فتحملني الإسعاف لأقرب كوفي شوب لكي يهمل الجرسون طلبي ويعاملني كأني غير موجود وغير مرئي، فأتحدث مع نفسي عن الوضع الاجتماعي في هافانا، وأقرأ تقرير البرلمان الأوروبي حول حقوق الإنسان في الدولة فيغمى علي من الضحك، فأفيق وأكمل مشاهدة فيلم «العراب» وأكتشف قبل نهايته بعشرة أمتار أن أسرة كورليوني قررت أن كل من لا ينتمي إليها يعتبر عدواً محتملاً.

فالتقرير المزعوم كلام إنشائي أكثر منه واقعياً (قارنه بأسرة كورليوني) وبسببه تذكرت الطقوس الجميلة قبل العيد حين تذهب الزوجة لنقش الحناء ويذهب الزوج لكبرة الغنم، فيختلي البائع بالضحية ويسمعه كلاماً عن الخروف «الأسترالي» وتاريخه وحضارته، وفي اختلاء التاجر بالزبون بعيداً عن عيون الرقابة يحدث ما لا تُحمد عقباه (راجع فيلم نساء وذئاب لهند رستم) وأي واحد ولو عنده نص مخ سيقتنع بأن أسعار الأضاحي كسرت رقم ارتفاع المغامر فيليكس، وعلى اعتبار أنك فاضي تعال ساعدني ودق معي ناقوس الخطر أو امسك شوية ملح ورش رشة جريئة على التقرير إياه، فعتاب التاجر اجتنابه وعتاب التقرير ازدراؤه.

وفي كل عيد يستخدم معي والدي أسلوب الرهاب الاجتماعي ـ صب قهوة، هات شاي، وين البخور، لا تفشلنا ـ فأنا ابن القبيلة الذي، إن غلط عليك أحد، خذ حقك منه ولا تسكت له، وأكتفي بهذا القدر وأنتقل بكم وفي بث حي ومباشر لنرفع القبعة وما تبقى معها من شعر رؤوسنا احتراماً وتقديراً للمحامي عيسى بن حيدر الذي تبرع بمبلغ 70 ألف درهم لشاب مواطن رفض صندوق الزواج تقديم المنحة له بسبب إصابته وزوجته بالإيدز (فهل لديك أقوال أخرى!) أيوه، كلما اشتريت نعالاً جديداً أحصل مكتوباً عليه: الأصابع أولاً!

ولله في خلقه شؤون بين العقل والجنون، ففي كل مؤسسة عامل نظافة يختم الأوراق وموظف يلعب بالموبايل ومدير مغرم بإرهاق من حوله، وبينما يفضل البعض قضاء نهار العيد في رحاب موتاهم، فضلت أنا زيارة الحاج الديزل الذي دفن معظم أصدقائه من ضحايا الأسهم في حديقة منزله، فقرأنا عليهم الفاتحة ثم باركت له لقب الحاج الذي يزين به اسمه فاللقب سحره في لحلحة الأمور، وإذا سألتني عن مشكلتي، هي أني لا أحمل أي لقب في ظل سيرك الألقاب الحالي .

همسة: العدالة عوراء في البرلمان!

samy_alain@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر