منكم السموحة

آخر ما يكتبه مشجع برشلوني

أحمد أبو الشايب

صراحة، آخر ما كنا نتخيله مشجعين لبرشلونة أن نتلقى طعنة، كالتي غدرنا بها رئيس النادي الكاتالوني، بدعوته الجندي الإسرائيلي شاليط للتكريم في مباراة الكلاسيكو المقررة الأحد المقبل، وأتساءل مثل العديدين، لماذا؟ وما الفائدة؟ وكيف حدث؟ وهل الخبر صحيح أم ليس له اساس من الصحة؟ أم فُهم بطريقة خاطئة، أم تم التراجع عنه وبات مجرد وجود للجندي في المدرج كآخر كلام عرفناه؟!

لا أصدق أن نادياً مثل برشلونة يحمل معاني التحرر ومشجعيه من الطبقات الشعبية الكادحة لديه مثل هذا «الغباء السياسي» حتى يحشر أنفه في قضية «لا ناقة له فيها ولا جمل»، ولا تفيده في شيء، سواء كان على الصعيد المعنوي أو الإنساني أو المادي، بل على العكس، هو قرار خاسر بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ويزيد من معاني الحقد ضد أشهر نادي في العالم.

لو فرضنا أن برشلونة فاجأنا يوم الكلاسيكو وكرّم شاليط، ماذا سيقول روسيل للجمهور عن التكريم، هل سيقدمه بصفته جندياً إسرائيلياً تم أسره، أم بصفته جندياً قام بواجب الدفاع عن بلده؟ ففي كل الأحوال هو جندي مثله مثل ملايين الجنود والأسرى ولا يملك اي ميزة تؤهله للوقوف بهذا الموقف الذي عادة ما نشاهد فيه أصحاب الأعمال الإنسانية أو السلمية او المؤثرة في البشرية، او من قام بإنجاز عالمي يستحق عليه الثناء والتقدير، فما بالك أن يكون جندياً محتلاً ومجرماً يقتل النساء والأطفال ويهدم البيوت، ويستعمر البلاد وينتهك الحرمات!

سننتظر هذه اللحظة لنرى الحقيقة، ونسمع روسيل ونتمعن في تعابير وجهه، وهو يكذب علينا كذبة لا تصدق، يُظهر فيها حسن نيته في تأييد الدولة المستعمرة ضد اغتصاب الأرض العربية الفلسطينية، ثم ينتظر منا أن نصدق ونقول «فهمناك غلط» وما ذُكر في الصحف ووسائل الإعلام كان عبارة عن أخبار مُغرضة هدفها الوقيعة بين النادي ومشجعيه، أو ربما فبركها مدريديون، وبالتأكيد سيظهر لنا روسيل شخصيةً محايدةً أحضر شاليط ومعه وفد فلسطيني مكون من رئيس وأعضاء في الاتحاد الفلسطيني بكرة القدم، وكأننا «أغبياء» لا نفرّق في العلاقة بين دعوة جندي أُسر في أرض المعركة، وبين دعوة مدنيين أحدهم محمود السرسك الذي يحتاج إلى تكريم من الاتحاد الدولي (الفيفا) بصفته لاعب منتخب فلسطين بكرة القدم، الذي قاوم بمعدته الخالية من الطعام والشراب 96 يوماً حتى أُفرج عنه بعد اعتقاله أثناء ذهابه لتأدية مباراة محلية، وهذا ما لم يحدث مع أي لاعب في تاريخ كرة القدم.

نتنهد بنفس عميق، ونحن مصدومون بفريق شجعناه لسنوات طويلة، وخضنا من أجله النقاشات الممتعة والمثمرة مع إخواننا المدريديين، وسهرنا الليالي وتعبنا، بل وهرمت حناجرنا من الصراخ والتشجيع، حتى يأتي اليوم الذي يضعنا فيه هذا النادي بين أمرين؛ إما أن نرضى بالواقع وندوس على كرامتنا، وكأننا لم نشاهد ما يحدث حباً في البرشا، وإما أن نغمض أعيننا ونطوي صفحة نادٍ بذكرياته الجميلة.. لا تتسرعوا في القرار ولا تطلقوا عبارة «آخر ما يكتبه مشجع برشلوني»، لأن الأمر مازال مفتوحاً حتى يوم الكلاسيكو ونشاهد بأم أعيننا ماذا سيحدث!

shayebbb@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر