5 دقائق

حين يموت الكلام!

سامي الخليفي

أنا متضايق، أرجوك خذني معك إلى أقرب حديقة أو إلى أقرب مستشفى، فخبر القبض على أعضاء في تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في الدولة جعلني أقف حين أكون جالساً وأجلس حين أكون واقفاً، وهي أعراض فسرها صديقي «الديزل» بأنها اكتئاب ما بعد الولادة، فتعال نفكر معاً، لأن العضلات التي لا تستعمل تموت، فما هي في ظنك الأعذار التي سيسوقها أعضاء التنظيم؟

طبعاً لا تلتفت إلى نظرية الحريات أو السندويتشات أو الكلام المعسول، لأن الجماعة ببساطة، وقبل أي شيء، ألغوا حب الوطن والتفاني في بنائه، وضربوا به عرض الأفق، وألغوا ضمائرهم، وتحالفوا مع الشيطان الذي جعلهم يتلبسون الوقار الزائف، فظهر البعض منهم واعظاً وخطيباً وإمام مسجد ولاعب كرة ومفتياً يتمنى تحريم مشاهدة النافورة الراقصة وهي ترقص.

قبل أن تصفعني إسمعني، وقبل أن تختبئ خلف العمود اثبت وجودك، وتكلم حتى أراك، فهل يستحق الوطن الذي رفعهم من العدم في ماضيهم إلى بريق حاضرهم كل هذا؟ لقد انقلبت الأوضاع، وأخذت الديوك تبيض، فظهرت أسماء بعض من سمُنت أيديهم من السحت، ومعها ظهرت أسماء المشايخ السابحين في الفضائيات من فئة الذئاب الجائعة للسلطة والمال، وافتضح أمر مريديهم وأتباعهم من نجوم المجتمع أصحاب أفخم موائد الرحمن، فسلوهم هل هناك تقصير من قبل الدولة؟ وسلوهم عن أي ظلم وقع عليهم! ثم سلوهم هل هناك داعٍ لكل هذه الزوبعة؟ أم أن المشكلة تقبع في القشرة الخلفية لجمجمة كل منهم؟ عموماً سنظل فاغري الأفواه مشدوهي الأنظار مقطبي الجبين حتى موعد محاكمتهم، والحمد لله المسائل محسومة وتحت السيطرة، ولا عذر لهم طالما لن تكون هناك نقاط أصلاً توضع على الحروف.

للحب رائحة، وللحرب رائحة، وللخيانة روائح عدة، والخيانة إثم عظيم لو كانوا يعلمون (وهم بالتأكيد يعلمون)، فعندما تتعثر الخطوات وتغرق النفوس في بحر الأسى، وتحز خناجر الغدر أفئدة المخلصين من أبناء الوطن، حينها يتوجب علينا جميعاً إحكام ربط الصواميل وتنظيف البعض كي يعود كل شخص إلى وضعه الطبيعي، لا أكثر ولا أقل، فنحن بحاجة إلى العمل لتطوير الوطن لا لتكبير البطن، والوسطية في الدين مطلوبة، والدين سلوك أولاً وأخيراً، وهذا المقال يُنصح بقراءته قبل النوم على كبار السن ومرضى القلب والمتزمتين، فقد قيل قديماً إن من الممكن أن يصبح الفاسق قديساً أما المتزمت فلا، وصدقوني أن من الشرف للإنسان الانتماء إلى هذه الأرض الطيبة بوجود شيوخ أعطوا الكثير، لذا يجب أن يكون ولاؤنا صافياً نقياً كالماء القراح، للوقوف في وجه كل من يحاول المساس بالوطن، فكل حبة رمل من وطني وطن.

خلاص، انتهيت من جلسة الحديقة، من فضلك رجعني البيت.

samy_alain@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر