الشهد والدموع والقرطاسية

أنا كاتب مغمور، لا يقرأ لي أحد سوى زميلي صاحب الدكان، فلا الخيل ولا الليل ولا البيداء تعرفني ولا أسمعت كلماتي من به صمم، أعيش الحياة بأقصى طاقة ممكنة وبالدفع الرباعي، أعاني الكوليسترول، وعندي حساسية من الرسوم، قضيت فترة العقوبة التعليمية مناصفة بين عصا المعلم وكف الناظر، فهربت والتحقت بمدرسة الحياة صباحاً، وتفرغت للعائلة مساءً (شد حيلك كلنا لها، الزواج للجدعان)، واكتشفت أن الزوجة والأطفال عراقيل أمام المشروعات العظيمة، كالزواج من أخرى مثلاً، وتقديراً للعيش والملح قررت كتابة المقال اليوم ببطء، علشان عارف أنك لا تستطيع القراءة بسرعة - دو يو اندر ستاند يا عسل!

وحين يبدأ الأبناء الذين هم طرف في زينة الحياة الدنيا جنباً إلى جنب مع المال عامهم الدراسي الجديد سيختفي الجدري والطفح الجلدي، ويظهر الثلاثي المرح - الرسوم الدراسية والحقيبة المدرسية والقرطاسية - (خف السرعة معانا وحده حامل) فترتفع الأسعار وهو أمر مؤسف (ولا أقولك، دع مؤسف وخلنا نكتبها أمر يدعو للحيرة)، إذ يجب هنا أن أخفف قدر الإمكان من تأثير الصدمة عليك، لأنك مش ناقص، خصوصاً بعد أن فقدت الاتصال بوزارة التربية والتحقت بتظاهرة (جمعة اللي ما يشتري يتفرج)، يوم أن كانت فرقة الصيادين المتحدة جاهزة لاصطيادك لضمان الحال وتحسين تراكم الأموال، وبالمناسبة، أنا مثلك كنت ضحية الصيادين، فقمت بشراء درزن أقلام لأبنائي تغنيهم ذل السؤال، حينها كان هناك شخص يصرخ: يا آباء العالم اتحدوا، فكنت أرد: وانته من أهله، فكن على حق واعرف حقوقك كضحية وقم بتسجيل المصروفات تحت بند «بضاعة أفسدها الهوى» والهوى هوايا، وعندنا عادة غريبة، ففي كل عام نجأر بالشكوى لمدة شهر، ونسكت أسبوعاً ثم نستسلم بقية العام، ويستمر الحال وكأنك يا بوزيد ما غزيت ولا كملت دراسة، واليوم أقولها وأجري على الله: ترك الأمور سبهلل أو بالعربي الفصيح تجري في أعنتها سيبقى الوضع على ماهو عليه، ومصائب قوم عند قوم فوائد (في رواية مرابحة)، فهذه فرصة عظيمة سيستغلها الشاعر (راكان) ليغنيها على الربابة، وإلا بماذا تفسر هذا الوضع يا أعز الناس! جاوب مش تقرأ وترحل!

الصباح قائظ، والأسعار قياسية، والزمن يتغير بسرعة، فلو دامت للتلكس ما وصلت للفاكس، ونصيحة أخيرة: احترم معدتك يحترمك الكوليسترول، وإذا سرقت اسرق (جمل). وبصراحة أنا مستغرب كيف ضيعت دقيقتين من عمري أكتب الجملة التالية: نجحنا في تثبيت أسعار تذاكر السينما وفشلنا في تثبيت سعر كيلو الكوسا، ثم احترنا في كبح جماح أسعار المدارس الخاصة!

آلو، التربية، الصوت واضح!

عام دراسي سعيد، أو على رأي الممثلة الرشيقة التي تسبب سرعة خفقان القلب: كل سنة وانته طيب يا جمهوري العزيز.

amy_alain@hotmail.com  

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .