5 دقائق

تايلاند هي الحل

سامي الخليفي

نعمة الصحة من أجمل نعم الله عليك، وكلما تقدم بك العمر زاد تعلقك بالحياة، وأرجوك اسمح لي بأن أسألك: كم مرة ذهبت إلى الطوارئ «وتنقعت» بانتظار دورك؟! إن قلت: ولا مرة، فأنت كائن استراتيجي تكتيكي، وإن قلت: أكثر من مرة، فأنت موظف كادح تنتظر الزيادة، ولا سمح الله لو سألوك فلا تقل العيب في المستشفيات، بل قل العيب في المرضى الذين يمرضون خارج أوقات الدوام الرسمي.

المستشفى هو الحد الفاصل بين الدنيا والآخرة، وأنت وحظك، فمرات ستجد الأجهزة إلا أنك ستفتقد الشفاء، وفي غرفة الانتظار بقسم الطوارئ مريض طلب مني عدم ذكر اسمه، هو الحاج «عبيد الديزل»، الذي أخذ يدعو الله أن يخرج ببقية أعضائه سليمة، بعد أن اجتاز التصفيات الأولى مع موظف الاستقبال، وتأهل للمرحلة الثانية لقياس الحرارة، وينتظر سماع اسمه للصعود للنهائي لملاقاة الطبيب، فسألته بعد أن تفحصته بنظرة بوليسية خاطفة: «خطأ طبي ولا وراثة؟»، فنظر إليّ ببلاهة، وقال: «أسهم»، فصرخ شخص يبدو من نظارته أنه متداول قديم «ال-أعمار- بيد الله»، فقمنا وودعناه وداع مفارق، ثم أخرج شاب هارب من التوطين شارة سوداء من جيبه ولفها على زنده، ووقف دقيقة حداداً على أرواح الضحايا.

ظهر موظف الاستقبال فجأة، وطلب منا إحضار اثنين من الشهود على ألا يقل عمراهما عن الحد الأدنى للأجور، للتوقيع على إخلاء مسؤولية المستشفى في حالة الوفاة، فصرخنا جميعا، بصوت رجل خائف: ولو رفضنا التوقيع، فظهر خلال ثانية مسؤول غير مسؤول يطمئننا أن الإجراءات تم اتخاذها بالنسبة لموضوع الدفن، فصرخ مراجع ممدد على كراسي الانتظار: «وحدوووه»، وقام يوزع علينا كروت تعارف، مكتوباً عليها: «السعادة لدفن الموتى»، فصرخ متبرع دائم للدم: «منو منكم عنده واسطة»، فرد عليه شاب في الستين: «أنا عندي قولون، ينفع!»، فحاول أحد الشياب التوضيح: «يا ولدي الواسطة تصير بعد القولون مرات، وتصير قبل القولون كل الوقت، أنت شو ماكل!»، «نقز» مراجع مصاب بالريادة، وقال: «الأمور طيبة»، فأكمل الشايب: «لكن زيادة على اللزوم».

خرج الدكتور يبكي، وخرج بعده الحاج عبيد وهو يشد لحيته، وينظر إلى السقف «ويهذرب»، «قالوا: أعراض حمل وبلعناها، قالوا: داء الفيل ومشيناها، لكن سرطان حواجب هذي عمرها ماصارت»، باركنا للحاج إصابته بالقلق، ونصحناه بالسفر إلى بانكوك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وألا «يشيل» هم الأخطاء الطبية، بل يركز جهوده على أداء المنتخب، حينها سمعت الممرضة تنادي باسمي فخرجت من الباب الرئيس للطوارئ إلى الباب الرئيس، لمكتب السفريات، ويا روح ما بعدك روح، ومن يومها وأنا «حاطط» إيدي على خاصرتي، وأسال كل من «هب ودب»: والحل!

أترك لكم همّ الإجابة!

 samy_alain@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر