أزمة عابرة

المحامي المصري أحمد محمد ثروت السيد، المعروف حركياً بـ«أحمد الجيزاوي» والمحتجز في السعودية على ذمة اتهامه بتهريب أقراص مخدرة، حسب ما أكدته سلطات المملكة، تسبب في حدوث أزمة بين مصر والسعودية في وقت حساس ودقيق، بعد ان استغل أصحاب المصالح الشخصية قضيته، وحولوها من شخصية الى قضية رأي عام، انعكست سلباً على العلاقات بين البلدين الشقيقين، بعد تظاهرات الاحتجاج أمام سفارة المملكة وما صاحبها من تداعيات انتهت بقرار الرياض إغلاق سفارتها في القاهرة وقنصلياتها في كلٍ من الإسكندرية والسويس.

الجيزاوي أجرم في حق نفسه وشعب مصر، خصوصاً أن إقراره بالتهريب، الذي وقّع عليه بعد ضبطه بصالة مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، اضافة الى محضر التحقيق، وتسجيل فيديو يقرّ فيه بذلك شفهياً، حسب السلطات السعودية، يفند ادعاءات بعض النشطاء والمحامين والمتحدثين باسم الأحزاب في مصر باستهداف الجيزاوي، وصعدوا قضيته من شخصية الى أزمة، انعكست سلباً على الشعب المصري ككل نتيجة تصرفات ومسلك بعض المرشحين لانتخابات الرئاسة، واستغلال الواقعة للعزف على عواطف ومشاعر الناس، لا لشيء إلا لتسجيل مواقف انتخابية فقط بصرف النظر عن مصلحة الدولة والمصريين العاملين في المملكة.

العلاقات المتينة والمتميزة بين مصر والسعودية وطيدة وتاريخية وأعمق من أي حادث فردي أو قضية خاصة، فهناك مصالح مشتركة وحرص واحترام متبادل، والخطوة التي اتخذها رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي، بالاتصال بالعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أكبر دليل على حرص القيادة المصرية على إنهاء هذه الأزمة ووضعها في إطارها الطبيعي بعد ان أشعلتها أيادٍ خفية لا تريد الخير لمصر وثورتها العظيمة، وإنما تريد إلحاق الضرر وتأزيم الموقف بين الشعبين الشقيقين.

إن استنكار السلطات المصرية وأسفها العميق للأحداث والتصرفات غير المسؤولة والفردية والتظاهرات المناوئة للسعودية «احتجاجاً» على توقيف الجيزاوي، والتي لا تعبر إلا عن رأي من قاموا بها، تحت ستار الثورة والديمقراطية، وإسراع القاهرة إلى رأب صدع ما حدث من ضرر في العلاقات العميقة الجذور مع الرياض، وثقتها المطلقة بالقضاء السعودي ونزاهته في التعامل مع قضية المواطن أحمد الجيزاوي، هي تحركات سليمة لمعالجة الأزمة العابرة، لأنه ليس من مصلحة البلدين تأجيج أي خلاف، خصوصاً أن ازمة الجيزاوي صغيرة، وسحابة عابرة لابد أن تنقشع.

حرمة العمل الدبلوماسي وحماية الدبلوماسيين واجب مقدس، وحصانة للعلاقات بين الدول، وقرار الرياض إغلاق سفارتها في القاهرة يندرج في اطار الإجراء الامني، وبمثابة لفت نظر للحكومة المصرية حيال ما حدث، وعتب محبة، ولا شك في أن المياه ستعود لمجاريها قريباً بين البلدين بعد تجاوزهما الأزمة، لأن مصلحة وازدهار ورفاهية الشعبين الشقيقين مقدمة على الخلافات.

jaafar438@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة